.................................................................................................
______________________________________________________
فانّ التعبير بـ «كان» الذي هو للاستمرار مشعر بأنّ ذلك كان ممّا يفعله (صلّى الله عليه وآله) مستمرّاً ويصدر منه مرّات عديدة ، إذ لم يقل رأيت مثلاً حتّى يقال إنّه اتّفق مرّة واحدة. ومن البعيد جدّاً أنّه (صلّى الله عليه وآله) في جميع أسفاره إلى ذباب كان يرجع ليومه أو ليلته ، بل كان يبيت ثمّة بطبيعة الحال.
أنّ هذه الصحيحة صحيحة ابن مسلم غير صالحة للتقييد في نفسها ، لأنّ شغل اليوم غير موضوع للحكم في شيء من الأخبار ، إذ الأخبار الواردة في مسيرة يوم إنّما وردت في مقام بيان تقدير السّير لا في فعلية المسير في اليوم فليس مفادها الدلالة على اعتبار السير الفعلي ، إذ لا توجد رواية تدلّ على لزوم وقوع ثمانية فراسخ في يوم واحد.
بل لمّا سأل الراوي عن اختلاف سير القوافل وأنّ بعضها تسير عشرة فراسخ بل لعلّ الفرس في حال العدو يسير اثني عشر فرسخاً أجاب (عليه السلام) بأنّ العبرة بثمانية فراسخ المنطبقة في السير العادي مع المركوب العادي على ما يشغل يومه ويستوعب بياض النهار.
فليس مسير اليوم أو بياض النهار أو شغل اليوم بعناوينها موضوعاً للحكم حتّى يطبّقه الإمام (عليه السلام) على المسافة التلفيقية ولو بنحو الحكومة ، بل المراد السفر الذي يكون شاغلاً لليوم ولو شأناً ، المنطبق على ثمانية فراسخ ولو كانت ملفّقة من بريد ذاهباً وبريد جائياً ، سواء وقع ذلك في يوم واحد فكان شاغلاً ليومه فعلاً أم لا.
فليس المدار على الشغل الفعلي ، بل الاعتبار بالسّير الذي يكون محدوداً بكونه شاغلاً لليوم ولو شأناً وفي حدّ طبعه ، المنطبق على ثمانية فراسخ ، ولذا عبّر بثمانية فراسخ بدل شغل اليوم في صحيحة زرارة الواردة في مورد صحيح