.................................................................................................
______________________________________________________
ومع التنزّل فلا أقلّ من الشكّ في الشمول ، فيقتصر في المخصّص المنفصل على المقدار المتيقّن ، ويرجع فيما عداه إلى عمومات الترخّص لكلّ مسافر.
الصورة الثانية : عكس ذلك ، بأن يكون السفر حلالاً في الواقع حراماً في الاعتقاد أو بحسب الحكم الظاهري ، إمّا بنفسه كما لو اعتقد الولد أو الزوجة نهي الوالد أو الزوج أو كان مستصحباً ثمّ بان الخلاف ، أو بغايته كما لو سافر لقتل شخص بتخيّل أنّه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم ، أو سافر للتزويج بمن يعتقد أنّها ذات بعل فبان أنّها خلية ونحو ذلك من الأمثلة.
والظاهر وجوب القصر هنا أيضاً ، لأنّ الحرمة المزعومة خيالية صرفة لا واقع لها ، فلم يكن السفر سفر المعصية ولا المسير مسيراً باطلاً ، فانّ الخيال والاعتقاد أو الحكم الظاهري المنكشف خلافه لا يغيّر الواقع ، ولا يوجب قلبه عمّا هو عليه. فهو سفر حقّ وإن جهل به المسافر ، إلّا إذا بنينا على حرمة التجرّي شرعاً فيجب التمام حينئذ ، لصدق أنّ السفر في معصية الله ولو بالعنوان الثانوي.
ولكن المبنى فاسد جزماً كما هو محرّر في الأُصول (١) ، فإنّ التجرّي لا يكشف إلّا عن سوء النيّة وخُبث السريرة ، وهذا لا يستوجب إلّا اللّوم والذّم واستحقاق العقاب عقلاً دون الحرمة شرعاً ، فلا يكون من العناوين الثانوية بوجه.
وعليه فأدلّة التمام قاصرة الشمول للمقام ولو انصرافاً ، ولا أقلّ من الشكّ في الشمول ، فيرجع إلى إطلاقات القصر. وعلى هذا فلو صلّى تماماً جرياً على اعتقاده ثمّ انكشف الخلاف في الوقت أو في خارجه وجبت عليه الإعادة أو القضاء قصراً. كما أنّه لا تجب إعادة ما صلاه قصراً في الصورة الأُولى ، لكون القصر هي الوظيفة الواقعية في كلتا الصورتين حسبما عرفت.
فتحصّل : أنّ إتمام الصلاة يتوقّف على أمرين : ثبوت الحرمة الواقعية للسفر
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ١٩ وما بعدها.