.................................................................................................
______________________________________________________
لا ينبغي التأمل في لزوم البقاء على الصيام في الشق الأوّل ، لكشف عدوله عن عدم تحقّق السفر الشرعي ، وانتفاء موضوع القصر من أوّل الأمر ، إذ الموضوع للحكم لم يكن هو مجرّد القصد ، بل المتعقّب بقطع المسافة بنيّة صالحة ، المنفي حسب الفرض وإن تخيّل تحقّقه لدى تلبّسه بالسفر ، ولأجله كان معذوراً لو أفطر ، فهو محكوم بالصيام واقعاً سواء أفطر أم لم يفطر ، وسواء أكان عدوله قبل الزوال أم بعده.
ولعلّ عبارة الماتن غير ناظرة إلى هذه الصورة ، بل نظره (قدس سره) معطوف إلى الشقّ الثاني ، ولا ريب في بطلان الصوم حينئذ لو كان قد تناول المفطر ، أو كان العدول بعد الزوال.
أمّا الأوّل فواضح ، وكذا الثاني ، إذ هو بمثابة من سافر أوّل النهار وحضر بعد الزوال ، المحكوم بالإفطار بلا إشكال وإن لم يستعمل المفطر في سفره ، وهذا ظاهر.
إنّما الكلام فيما لو عدل قبل الزوال ولم يتناول المفطر ، فانّ في صحّة الصوم حينئذ تأمّلاً ، من أنّ العدول إلى الحرام بمنزلة الوصول إلى المنزل قبل الزوال ، إذ به ينعدم قيد الإباحة المعتبر في الترخّص أو في موضوعه على الخلاف المتقدّم (١) ، فيجب عليه حينئذ تجديد النيّة وإتمام الصوم كما هو الحال في الراجع إلى بلده قبل الزوال.
ومن أنّ الصوم الشرعي هو الإمساك في مجموع النهار المسبوق بالنيّة قبل طلوع الفجر ، والاكتفاء بتجديدها قبل الزوال مخالف للقاعدة ، فيقتصر فيه على مقدار قيام النصّ (٢) ، ومورده المسافر الذي يصل بلده أو محلّ إقامته قبل زوال
__________________
(١) في ص ١٢٨ ١٢٩.
(٢) الوسائل ١٠ : ١٨٩ / أبواب من يصحّ منه الصوم ب ٦ ح ١ ، ٤ ، ٥ وغيرها.