.................................................................................................
______________________________________________________
وقد ورد على هذا المخصّص مخصّص آخر في خصوص المكاري ، وأنّه إذا سافر بعد إقامة عشرة أيام وجب عليه القصر والإفطار ، فانّ هذا من التخصيص دون التخصّص ، لوضوح عدم خروج المكاري بإقامة العشرة عن كونه مكارياً ، ولا سيما في الأزمنة السابقة التي كانت تطول فيها مدّة الأسفار فكان المكاري يسافر من العراق إلى خراسان مدّة شهرين تقريباً ، وبعد عوده إلى بلده يبقى لعلّه شهراً ثمّ يأخذ في السفرة الأُخرى وهكذا.
وعلى الجملة : دليل انقطاع عملية السفر بإقامة العشرة وهي صحيحة عبد الله بن سنان المتقدّمة ليس إلّا تخصيصاً في دليل وجوب التمام كما عرفت.
وبما أنّ مورده المكاري بخصوصه فمقتضى الجمود على مورد النص الاقتصار عليه في الحكم بالتقصير ، دون التعدّي إلى مطلق من عمله السفر كالملاح والساعي ونحوهما ، بل اللازم في مثل ذلك التمام وإن أقاموا عشرة أيام ، إلّا أن يكون هناك إجماع على الملازمة بين المكاري وغيره كما ادّعي ، وأنّ كلّ من كان عمله السفر وظيفته التقصير بعد إقامة عشرة أيام ، وإنّما ذكر المكاري في النصّ من باب المثال دون خصوصية فيه.
لكن الشأن في إثبات الإجماع وإن ادّعاه صاحب الجواهر (١) وغيره ، فإنّ المسألة لم تكن محرّرة في كلمات القدماء ، وإنّما تعرّض لها المتأخّرون. فالقول بالاختصاص بالمكاري الذي حكاه المحقّق في الشرائع (٢) وإن لم يعرف قائله هو الأوفق بالجمود على مقتضى ظاهر النص.
ومع التنزّل فلا أقلّ من إجمال النصّ وتردّده بين أن يكون المراد خصوص المكاري أو مطلق من عمله السفر ، ومن المعلوم لزوم الاقتصار في المخصّص
__________________
(١) الجواهر ١٤ : ٢٨٣.
(٢) الشرائع ١ : ١٦٠.