.................................................................................................
______________________________________________________
ولا لأنّ ذلك هو مقتضى الانصراف ، بدعوى أنّ القاطع لحكم السفر والموجب لقلب القصر إلى التمام هو قصد إقامة عشرة أيام في غير بلده ، لا مطلق إقامتها فينصرف الذهن في المقام من إقامة العشرة إلى تلك العشرة المعهودة وهي المنويّة المقصودة.
وعلى الجملة : ليس الوجه في تخصيص العشرة في غير بلده بالعشرة المنويّة شيئاً من هذين الأمرين ، وإن كان كلّ منهما صالحاً للتأييد.
بل الوجه في ذلك استفادته من نفس صحيحة ابن سنان ، حيث عبّر في صدرها عن المكث في المنزل بالاستقرار ، فيعلم أنّ المدار فيه بمطلق القرار والبقاء الصادق مع النيّة وبدونها ، مضافاً إلى الإجماع على عدم اعتبار النيّة بالنسبة إليه كما سبق.
وأمّا بالإضافة إلى البلد الذي يذهب إليه فقد عبّر بلفظ المقام ، حيث قال (عليه السلام) : «فان كان له مقام ...» إلخ ، والمقام مشروب في مفهومه القصد والنيّة ، حيث إنّه من باب الإفعال من أقام يقيم ، ومعناه اتخاذ مكان محلّاً ومقرّاً له ، فمعنى أقام زيد في مكان كذا أنّه اتّخذه محلا ومسكناً له إمّا دائماً أو موقّتاً بوقت محدود ، ومن المعلوم أنّ الاتخاذ لا يتحقّق إلّا مع القصد والنيّة ، ولا يكاد يصدق على مجرّد المكث والبقاء كيف ما كان. فاختلاف التعبير بين الموردين بنفسه كاشف عن التفصيل المزبور بين البلد وغيره.
وإن أبيت عن ظهور الصحيحة فيما ادّعيناه فلا أقلّ من الاحتمال المورث للإجمال وتردّد لفظ المقام بين اعتبار النيّة في مفهومه وعدمه ، فيكون من موارد المخصّص المجمل الدائر بين الأقل والأكثر ، المحكوم بلزوم الاقتصار فيه على المقدار المتيقّن في الخروج عن عمومات التمام وهي العشرة المنوية ، فيرجع فيما عداها إلى عموم العام.