.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه : أنّها غير دالّة على المشروعيّة فضلاً عن الوجوب ، فإنّها ناظرة إلى صلاة الخوف والمطاردة بقرينة التقييد بقوله تعالى (إِنْ خِفْتُمْ) وما ورد في الآية الأُخرى المتّصلة بها من بيان كيفيّة هذه الصّلاة ، فالمراد من الضّرب في الأرض الضّرب إلى القتال والحركة نحو العدو ، ولا مساس لها بالضّرب لأجل السّفر. فهي أجنبيّة عن صلاة المسافر بالكلِّيّة.
ومع الغضّ عن ذلك وتسليم كونها ناظرة إلى صلاة المسافر فغايته الدلالة على أصل المشروعيّة ، لمكان التعبير بنفي الجناح ، دون الوجوب.
نعم ، طبّق الإمام (عليه السّلام) هذه الآية المباركة على صلاة المسافر في صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم ، وبيّن أنّ المراد بها الوجوب مستشهداً بنفي الجناح الوارد في آية السّعي ، قالا «قلنا لأبي جعفر (عليه السّلام) : ما تقول في الصلاة في السّفر كيف هي؟ وكم هي؟ فقال : إنّ الله عزّ وجلّ يقول (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) فصار التقصير في السّفر واجباً كوجوب التمام في الحضر ، قالا قلنا له : قال الله عزّ وجلّ (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل افعلوا ، فكيف أوجَبَ ذلك؟ فقال : أوَلَيْسَ قد قال الله عزّ وجلّ في الصّفا والمروة (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) ألا ترون أنّ الطّواف بهما واجب مفروض ، لأنّ الله عزّ وجلّ ذكره في كتابه وصنعه نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكذلك التقصير في السّفر شيء صنعه النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) وذكره الله تعالى في كتابه ...» إلخ (١).
ولعلّ التعبير بنفي الجناح في الموردين لأجل وقوعه موقع توهّم الحظر ، حيث إنّ أهل الجاهلية كانوا يعبدون ما على الصفا والمروة من الأصنام ، ولأجله قد
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥١٧ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٢ ح ٢.