.................................................................................................
______________________________________________________
منهما ، فانّا ذكرنا سابقاً (١) أنّ الحكم بالتمام لم يثبت لعنوان الوطن حتّى يدور مداره ويبحث عن أنّه متقوّم بالقصد أم لا ، بل هو ثابت لكلّ مكلّف لم يكن مسافراً ، صدق عليه المتوطّن أو لا ، فالحكم منوط بالسفر وعدمه لا بالوطن وعدمه ، فانّ التمام هي الوظيفة الأوّلية لكلّ مكلّف ، خرج منه عنوان المسافر فيكون الموضوع بعد التخصيص مَن لم يكن مسافراً.
وعليه ففي الوطن الأصلي لا ينبغي الإشكال في عدم الزوال بمجرّد التردّد ضرورة عدم استيجابه لانقلاب الحاضر بالمسافر ، بل يقال في حقّه إنّه يحتمل أن يسافر ، لا أنّه مسافر بالفعل ، فهو بعدُ في منزله وفي مقرّه ومسكنه ، فكيف يحتمل زوال الحكم بمجرّد الترديد.
بل الحال كذلك حتّى مع العزم على الإعراض فضلاً عن التردّد فيه ، فلا يزول الحكم بالعزم المزبور ما لم يتحقّق الخروج والإعراض ولم يتلبّس بالانتقال ، لما عرفت من عدم صدق المسافر عليه قبل ذلك ، بل هو عازم على السفر ، لا أنّه مسافر ، وزوال الحكم بالتمام منوط بفعلية السفر لا بنيته.
وعلى الجملة : فالجزم بالإعراض لا يوجب الزوال والانقلاب فكيف بالتردّد.
بل الحال كذلك في الوطن المستجد بعين المناط المتقدّم ، فانّ التردّد في الإعراض عن الوطن الاتخاذي ما لم يقترن بالهجرة والإعراض الخارجي لا يوجب صدق عنوان المسافر ، بل الجزم به كذلك فضلاً عن الشك.
فتحصّل : أنّ الأظهر عدم زوال الحكم بالعزم على عدم التوطّن فضلاً عن التردّد ، من غير فرق بين الوطن الأصلي والاتخاذي.
__________________
(١) في ص ١٨٨.