العزم على إقامة عشرة أيام (١)
______________________________________________________
أنّه لا دليل على هذا التنزيل بوجه إلّا رواية واحدة تضمّنت أنّ المقيم عشراً بمكّة بمنزلة أهلها ، وقد تقدّم أنّها إمّا مطروحة أو مخصوصة بموردها ، لتضمّنها ما لا يقول به أحد من الأصحاب في غير مكّة جزماً ، بل وفيها أيضاً ظاهراً وهو إتمام المقيم حتّى بعد الخروج والعود ، فامّا أن تطرح أو يخصص الحكم بموردها وهو مكّة. فلا دليل على عموم التنزيل.
وإن أراد قطع موضوع الحكم بالقصر فهو حقّ لا محيص عنه ، لأنّ تخصيص الحكم مرجعه إلى تقييد الموضوع لا محالة ، ضرورة أنّه بعد خروج المقيم عن حكم المسافر يكون موضوع الحكم بالقصر المسافر الذي لا يكون مقيماً ، فيتقيّد الموضوع بغير المقيم بطبيعة الحال ، ولا يمكن بقاؤه على إطلاقه ، لمنافاة الإطلاق مع التقييد ، فاذا صار المسافر مقيماً انقطع موضوع الحكم بالقصر.
إلّا أنّ القطع بهذا المعنى مرجعه إلى التخصيص ، بداهة أنّ رفع موضوع الحكم بما هو موضوع عبارة أُخرى عن رفع الحكم نفسه. وهذا أمر واضح غير قابل للنزاع.
وهذا الأخير هو الصحيح ، أي أنّ الإقامة قاطعة لموضوع الحكم بالقصر بما هو موضوع ، الراجع إلى التخصيص ورفع الحكم نفسه ، لا قطع الموضوع بذاته. فالمقيم مسافر محكوم عليه بالتمام تخصيصاً.
(١) لا ريب أنّ المسافر لدى خروجه من البلد يحتاج في أثناء السير إلى نوع من المكث والإقامة بمقدار ما تقتضيه الحاجة لمأكله ومشربه ونومه واستراحته ونحو ذلك ، لعدم جريان العادة على الاسترسال في السير واستمراره بين البلد والمقصد كما هو ظاهر. فالإقامة نوعاً ما وبنحو الموجبة الجزئية ممّا تقتضيه