.................................................................................................
______________________________________________________
ومع ذلك كلّه فقد نسب صاحب الحدائق (قدس سره) إلى القائلين بالتخيير أنّهم يقولون به سواء رجع لغير يومه أم لم يقصد الرجوع أصلاً ، وزعم أنّ التخصيص بالأوّل غلط محض ، وإليك نصّ عبارته.
قال (قدس سره) : وينبغي أن يعلم أنّ مرادهم بقولهم في صورة التخيير : ومن لم يرد الرجوع من يومه. أنّه أعم من أن لم يرد الرجوع بالكلّية فالنفي متوجّه إلى القيد والمقيّد ، أو أراد الرجوع ولكن في غير ذلك اليوم فالنفي متوجّه إلى القيد خاصّة. وما ربّما يتوهّم من التخصيص بالصورة الثانية غلط محض كما لا يخفى على المتأمّل (١). انتهى موضع الحاجة.
والظاهر أنّ الغلط هو ما زعمه ، إذ كيف يلتزم بالتخيير من غير موجب. نعم ، لو كان مستند القول بالتخيير هو الفقه الرضوي فقط وقلنا باعتباره وقطعنا النظر عن سائر الروايات الدالّة على تحديد المسافة بالثمانية ولو تلفيقية كان لهذه الدعوى حينئذ مجال ، فانّ المذكور فيه هكذا : وإن سافرت إلى موضع مقدار أربعة فراسخ ولم ترد الرجوع من يومك فأنت بالخيار ، فإن شئت أتممت وإن شئت قصّرت. فيدّعى أنّ إطلاق هذه العبارة شامل لما إذا لم يرد الرجوع أصلاً ، بأن يتعلّق النفي بمجموع القيد والمقيّد.
ولكن ذلك كلّه فرض في فرض ، فإنّ الرضوي لا نعتبره ، والروايات مطبقة على نفي التقصير في أقل من الثمانية ولو ملفّقة كما تقدّم. فهذه الدعوى سهو من صاحب الحدائق جزماً.
ويترتّب على هذا ما ذكره في المتن من أنّه لو قصد أربعة فراسخ ولكنّه كان متردّداً في العود ما دون العشرة بأن احتمل الإقامة في الأثناء عشرة أيام لم يقصر ؛ لأنّه غير قاصد فعلاً لثمانية فراسخ ولو ملفّقة. كما أنّ الأمر في الثمانية
__________________
(١) الحدائق ١١ : ٣١٣.