.................................................................................................
______________________________________________________
ونحو ذلك ، والضياع وإن كانت صغيرة غالباً إلّا أنّ البلاد تشمل الصغيرة والكبيرة بمقتضى الإطلاق.
وقد كانت البلاد الكبيرة الخارجة عن المتعارف في الكبر غير عزيزة في عصرهم (عليهم السلام) كبغداد والكوفة ونحوهما ، بل كانت مساحة الكوفة أربعة فراسخ في أربعة كما يحدّثنا التاريخ ، فلا يضرّ ذلك بصدق الإقامة في مكان واحد أو بلدة واحدة بعد ما عرفت من عدم إرادة الإقامة في منزل شخصي قطعاً.
نعم ، لو فرضنا بلوغ سعة البلد مقداراً خارقاً للعادة جدّاً كما لو فرض بلد طوله مائة فرسخ مثلاً أو خمسين الذي هو مجرّد فرض لا وقوع له خارجاً لحدّ الآن ففي مثله لا ينبغي الشكّ في عدم صدق الإقامة في مكان واحد ، بل لو انتقل من جانب إلى جانب آخر فهو مسافر يجب عليه التقصير لو كان سيره بمقدار المسافة الشرعية ، فيعتبر حينئذ الإقامة في محلّة خاصّة ، ولا تكفي الإقامة في المحلّات وإن كانت متّصلة ، إذ لا يصدق عليه المقيم في مكان أو أرض واحدة وإن كان البلد واحداً حسب الفرض.
وأمّا فيما لم يبلغ هذا المقدار من السعة وإن كان كبره خارجاً عن المتعارف كما هو محلّ الكلام مثل ما لو كان طوله ثلاثة فراسخ أو أربعة كالقسطنطينية ونحوها ، فالظاهر أنّ ذلك غير قادح في صدق الإقامة في مكان واحد.
وملخّص الكلام : أنّ العبرة في وحدة محلّ الإقامة بالصدق العرفي ، وهو حاصل في أمثال هذه الموارد ، سواء أكانت المحلات متصلة أم منفصلة ، فيصحّ أن يُقال إنّ زيداً أقام في القسطنطينية مثلاً عشرة أيام وإن لم يكن مُستقرّاً في مكان واحد ، بل كان ينتقل من مكان إلى مكان ومن جانب إلى آخر ، فانّ هذا لم يكن انتقالاً سفرياً بل انتقال في ضمن سفره. فلا دخل للكبر والصغر في هذا الحكم بوجه بعد إطلاق الدليل وتحقّق الصدق العرفي.