.................................................................................................
______________________________________________________
بحسب المتفاهم العرفي من كونه محلا لإقامة المسافر نفسه لا لرحله ، إذ ربما لا يكون له رحل أصلاً ، فحينئذ يضرّه أدنى الخروج وإن كان قليلاً.
وتوضيح الحال في المقام : أنّه لا ينبغي الإشكال في قادحية الخروج عن محلّ الإقامة بمقدار المسافة ، كما لو أقام في النجف خمسة أيام ، ثمّ خرج يوماً إلى الحلّة ، ثمّ رجع فبقي خمسة أُخرى بحيث صار المجموع عشرة ، فإنّ الظاهر عدم الخلاف في عدم تحقّق الإقامة الشرعية بذلك ، وإن احتمل بعضهم عدم القدح بذلك ، لما عرفت من لزوم الاستمرار والاتصال في إقامة عشرة أيام ، الذي يضرّه تخلّل السفر الموجب للتقطيع بطبيعة الحال.
نعم ، ربّما يستفاد ذلك وكفاية إقامة العشرة ولو منفصلة من رواية الحضيني قال فيها : «إنّي أقدم مكّة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، قال : انو مقام عشرة أيام وأتمّ الصلاة» (١) إذ كيف يمكن قصد إقامة العشرة لمن دخل مكّة قبل التروية بيوم أو يومين مع لزوم خروجه إلى عرفات التي هي مسافة تلفيقية.
ولأجل ذلك احتمل الشيخ اختصاص الحكم بموردها وهو مكّة ، وأنّ في خصوص هذا البلد لا مانع من الإقامة المنقطعة (٢) بأن يبقى ثلاثة قبل التروية وسبعة أيام بعد الرجوع عن الموقف والفراغ عن الأعمال.
ولكن الذي يهون الخطب أنّ الرواية ضعيفة السند وليست بحجّة في نفسها لجهالة الحضيني وعدم ثبوت وثاقته ، فلا تصل النوبة إلى الحمل المزبور.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي الإشكال في أنّ نيّة الإقامة لا تكاد تجتمع مع نيّة الخروج إلى المسافة ، بل لا تجتمع حتّى مع الشكّ في ذلك ، للزوم العزم على الإقامة واليقين بها كما صرّح به في الروايات (٣) ، الذي يضرّه مجرّد الاحتمال والترديد.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥٢٨ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ١٥.
(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٧ / ذيل ح ١٤٨٣.
(٣) الوسائل ٨ : ٥٠٠ / أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ٩.