.................................................................................................
______________________________________________________
الأمر وحال نيّة الإقامة ، فدخل النجف مثلاً وقصد الإقامة عازماً على الخروج إلى الكوفة خلال العشرة ، وقد عرفت أنّهم بنوا المسألة على تفسير الإقامة بمحطّ الرحل أو بإقامة المسافر نفسه ، وأنّه على الأوّل لا يضرّ الخروج حتّى طول النهار فضلاً عن الساعات فيما إذا رجع في الليل بحيث كان مبيته في البلد إذ يصدق حينئذ أنّ البلد محلّ رحله ، وأمّا على الثاني فيضرّ الخروج حتّى دقيقة واحدة.
ولكن الظاهر هو التفصيل واختيار الحدّ الوسط بين الإفراط والتفريط ، فانّ التفسير الأوّل خلاف الظاهر جدّاً ، ضرورة أنّ محلّ الإقامة محلّ لإقامة المسافر نفسه لا لإقامة رحله ، كيف وربما لا يكون له رحل أصلاً. فالمتعيّن إنّما هو التفسير الثاني ، لكن لا بذلك الضيق ، بل مع نوع من التوسعة.
فإنّ الجمود على ظاهر لفظ الإقامة عشرة أيام الوارد في الروايات وإن كان يقتضي الاستيعاب الذي يضرّه أدنى الخروج عن خطّة السور ولو دقيقة واحدة إلّا أنّ المتفاهم عرفاً ما هو الأوسع من ذلك ، نظراً إلى أنّ العادة جارية على أنّ المقيم في بلد ربما يخرج عنه إلى خارج البلد ، بل ما دون حدّ المسافة لتشييع جنازة ، أو قضاء حاجة ، أو سقي دابّة ، أو معالجة مريض ونحو ذلك من الأغراض الداعية إلى الخروج ، ولا يبقى مستقرّاً في البلد كالمحبوس ، من غير فرق بين ما إذا كانت الإقامة دائمية كالمتوطّن أو موقّتة كما في المسافر المقيم.
فحال الإقامة في البلد حال الإقامة في الدار والسكونة فيها ، فكما لا ينافيه الخروج عن الدار إلى الصحن الشريف أو السوق أو الدرس ونحوها ، فكذلك لا ينافي الإقامة الدائمية أو الموقّتة في البلد الخروج إلى ضواحيه وتوابعه وإن تجاوز حدّ الترخّص بل بلغ إلى ما دون المسافة كما لو كان ضيفاً في بستان بعيد عن البلد بمقدار ثلاثة فراسخ مثلاً ، لما عرفت من جريان العادة الخارجية على التباعد عن البلد والخروج عنه وأنّ هذا المقدار ممّا يتسامح فيه عُرفاً ، ولا يكون