.................................................................................................
______________________________________________________
العام بعد التخصيص بالعنوان الوجودي هي الأفراد الواقعية غير المعنونة بشيء ما عدا عدم كونها معنونة بعنوان الخاص ، فاذا نفينا ذلك بمقتضى الأصل شمله حكم العام بضمّ الوجدان إلى الأصل ، فوجب التمام.
فانّ الاستصحاب وإن كان حجّة في الأعدام الأزلية كما بيّناه في محلّه (١) ، لكنّا في غنى عنه في المقام بجريان الاستصحاب بنحو العدم النعتي.
وتوضيحه : أنّ الموضوع لوجوب التقصير لو كان هو نفس المسافة الخارجية البالغة حدّ الثمانية فراسخ والبعد الموجود بين البلدين الموصوف بذلك لاتّجه حينئذ ما أُفيد ، فيقال : إنّ المسافة لم تكن ثابتة في الأزل لا ذاتها ولا وصفها وبعد العلم بتحقّق ذات المسافة يشكّ في تحقّق وصفها فيستصحب العدم ، وبذلك يندرج في موضوع العام الذي هو عبارة عن كلّ من لم يكن في هذه المسافة الخاصّة.
إلّا أنّ الأمر ليس كذلك ، بل الموضوع لوجوب القصر على ما يستفاد من الروايات بل الآية المباركة لو كانت ناظرة إلى صلاة المسافر لا صلاة الخوف كما تقدّم (٢) هو السفر والسير بمقدار ثمانية فراسخ ، لا نفس المسافة الخارجية الموصوفة بالثمانية ، ويشكّ المكلّف في أنّ سيره في هذه المسافة التي يريد قطعها أو التي قطعها هل يبلغ هذا الحد ، أو هل بلغ هذا أو لا ، فيستصحب عدمه نعتاً حيث إنّه لم يكن سائراً هذا المقدار قبل الآن يقيناً والآن كما كان.
فلا حاجة إلى التشبّث باستصحاب العدم الأزلي بعد أن لم يكن الموضوع نفس الأرض والمسافة الخارجية ، بل السير المحدود بذلك الحد ، المسبوق بالعدم نعتاً كما عرفت.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٢١٧.
(٢) في ص ٢.