.................................................................................................
______________________________________________________
واحدة لم ترد في هذه القاعدة لقلنا بمضمونها في المقام ، إذ التجاوز عن الشيء تارة يكون حقيقياً ، وأُخرى مجازياً بعناية التجاوز عن محلّه ، وبذلك يفترق التجاوز عن الفراغ.
فالمضيّ في قاعدة الفراغ حقيقي ، لتعلّق الشكّ بوصف الصحّة لا بذات المشكوك بخلافه في قاعدة التجاوز ، لتعلّق الشكّ حينئذ بأصل الوجود ، فلا يجامع مع المضيّ عن نفس المشكوك ، بل باعتبار التجاوز عن محلّه. فيستفاد من صحيحة زرارة (١) الواردة في هذه القاعدة أنّ التجاوز عن محلِّ المشكوك فيه بمنزلة التجاوز عن نفسه.
فعلى هذه الكبرى يكون الشكّ بعد الوقت داخلاً في قاعدة التجاوز ، لأنّه شكّ في وجود الشيء بعد مضيّ محلّه ، ضرورة أنّ محلّه قبل خروج الوقت فيصدق أنّه خرج من شيء ودخل في غيره ، باعتبار ما بينهما من الترتّب المحقّق للخروج عن المحلّ وهو الوقت.
وعلى الجملة : فبناءً على أنّ هذه القاعدة أمارة شرعية لما فيها من الكاشفية النوعية عن تحقّق المشكوك فيه في ظرفه كما هو الأظهر حسبما عرفت فالأمر ظاهر ، ونتيجته البقاء على التمام في الصلوات الآتية ، وعدم أثر للعدول.
وأمّا بناءً على أنّها أصل عملي فلا بدّ من النظر حينئذ إلى مدلول هذا الأصل ، وأنّه ناظر إلى التعبّد بنفي القضاء فقط ، أو التعبّد بالوجودِ ونفيُ القضاء من آثار هذا التعبّد. فعلى الأوّل يرجع إلى استصحاب عدم الإتيان ، وأمّا على الثاني فيبقى على التمام ، سواء أكان التعبّد بالوجود بلسان الأمارة أم الأصل.
والظاهر من صحيحة زرارة والفضيل هو الثاني ، لقوله (عليه السلام) : «وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شكّ
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ١.