.................................................................................................
______________________________________________________
ويندفع : بمنع الكبرى والصغرى ، فانّ الإعراض على تقدير ثبوته لا يسقط الصحيح عن الحجّية كما مرّ في مطاوي هذا الشرح مراراً ، إذ المدار في اعتبار الرواية على وثاقة الراوي أو كونه موثقاً (١) ، والإعراض وإن كشف عن خلل ظفر عليه المعرضون وقد خفي علينا ، حتّى اشتهر أنّه كلّما ازداد صحّة ازداد بالإعراض وهناً وبعداً ، إلّا أنّ ذاك الخلل المخفي قد لا يستوجب القدح بنظرنا لو اطّلعنا عليه ، ومن الجائز فساده بحسب الواقع. فلا يسعنا رفع اليد عن عموم دليل حجّية الموثّق بمجرّد الخلل المزعوم غير المعلوم قادحيته.
وعلى الجملة : فالبحث على تقدير تحقّق الإعراض كبروي ، والمختار منع الكبرى ، هذا أوّلاً.
وثانياً : أنّ الصغرى ممنوعة ، إذ لم يثبت الإعراض عن الصحيحة ، فقد افتى بمضمونها بعض المتأخّرين كابن سعيد في جامعه (٢) ، ونفى عنه البعد في مجمع البرهان (٣) ، نعم كلمات القدماء الذين هم المناط في الإعراض خالية عن التعرّض لذلك ، ولم تكن المسألة معنونة في كتبهم ، ككثير من المسائل التي سكتوا عنها وأهملوها فيما وصل إلينا من كتبهم ومجامعهم ، ولعلّه لبنائهم على الاقتصار في تآليفهم على ضروريات المسائل ممّا هو محلّ للابتلاء غالباً ، أو لم تكن الحاجة ماسة آن ذاك للتعرّض لأكثر ممّا ذكروا ، ولأجله لم يذكروا إلّا القليل من الكثير.
وكيف ما كان ، فعدم التعرّض شيء ، والإعراض شيء آخر ، وبينهما بون بعيد ، فلا يمكن استكشاف الثاني من الأوّل.
والحاصل : أنّه لم يثبت من الأصحاب ما ينافي العمل بالصحيحة ، بل غايته
__________________
(١) [لعلّ الصحيح : أو كونها موثوقاً بصدورها].
(٢) الجامع للشرائع : ٩٣.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٤٣٦.