صحيحاً. فصحّة التمام منه ليس لأجل أنّه تكليفه ، بل من باب الاغتفار ، فلا ينافي ما ذكرناه قوله : اقض ما فات كما فات. ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر لا التمام ، وكذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه فإنّه لو لم يصلّ أصلاً عصياناً أو لعذر وجب عليه القضاء قصراً.
______________________________________________________
إنّما الكلام فيما إذا لم يأت بالتمام فترك الصلاة رأساً إلى أن خرج الوقت عصياناً أو نسياناً فهل يجب القضاء قصراً لكونه الوظيفة الأصلية ، أو تماماً لانقلاب التكليف إليه ، المستكشف من صحّة التمام لو فعله في الوقت ، فيشمله قوله (عليه السلام) : اقض ما فات كما فات (١).
ومحلّ الكلام ما لو ارتفع جهله خارج الوقت قبل التصدّي للقضاء ، وأمّا لو قضاها تماماً جرياً على جهله السابق ثمّ انكشف الحال فالظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال في الصحّة ، عملاً بإطلاق دليل الإجزاء ، الشامل لحالتي الأداء والقضاء كما هو واضح.
والظاهر وجوب القضاء قصراً كما ذكره في المتن ، بل لا ينبغي التأمّل فيه فانّ القصر هو الوظيفة الواقعية الثابتة في حقّ الجاهل كغيره ، بمقتضى عموم دليل وجوبه لكلّ مسافر ، غاية الأمر أنّه قام الدليل على الاجتزاء بما يفعله من التمام حال الجهل ، الذي مرجعه لدى التحليل إلى التخصيص في عموم دليل قدح الزيادة ، لا إلى انقلاب التكليف الواقعي وتبدّله من القصر إلى التمام ، فانّ هذا غير مستفاد من دليل الإجزاء بوجه.
وبعبارة اخرى : لو كنّا نحن ودليل وجوب القصر ولم يكن لدينا ما يدلّ على
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٦٨ / أبواب قضاء الصلوات ب ٦ ح ١ [والمذكور في الحديث : «يقضي ما فاته كما فاته»].