.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا ما اختاره الشيخ من المصير إلى التخيير ، بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين بعد رفع اليد عن ظهور كلّ منهما في التعيين ، كما هو الشأن في كلّ مورد دار الأمر بين رفع اليد عن أصل الوجوب أو عن تعيّنه ، فانّ المتعيّن حينئذ هو الثاني ، ونتيجته الحمل على التخيير.
فيندفع بأنّ هذه الدعوى في نفسها شيء لا نضايق عنها ، إلّا أنّها بعيدة في المقام ، من جهة أنّ التخيير مناف لصريح صحيحة إسماعيل بن جابر الناطقة بتعيّن القصر ، حيث قال : «فان لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)» إذ مع كونه مخيّراً كيف يكون مخالفاً لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في اختيار التمام (١).
وعلى الجملة : فالحمل على التخيير ساقط جزماً ، لأنّه مخالف لصريح الصحيحة المزبورة. فلا يمكن المساعدة على هذا القول أيضاً ، هذا.
ونسب إلى العلّامة الجمع بحمل ما دلّ على أنّ العبرة بحال الوجوب على ما لو خرج عن منزله وكان متمكّناً من التمام فلم يصلّ بعد ما استقرّ عليه الوجوب وما دلّ على أنّ العبرة بحال الأداء على ما لو خرج أوّل الوقت قبل أن يتمكّن من الإتيان بالصلاة التامة بمقدّماتها (٢).
وهذا كما ترى جمع تبرّعي لا شاهد عليه. على أنّ هذا القيد وهو التمكّن من التمام وإن كان منسوباً إلى المشهور ، حيث أخذوه في موضوع الخلاف إلّا أنّه أيضاً لا دليل عليه كما أشار إليه المحقّق الهمداني (٣) (قدس سره) فإنّه تقييد بلا موجب ، والروايات مطلقة من الطرفين ، فانّ المذكور فيها الخروج عن منزله
__________________
(١) [الموجود في الأصل : القصر ، والصحيح ما أثبتناه].
(٢) التذكرة ٤ : ٣٥٣ المسألة ٦١٠ ، المنتهي ١ : ٣٩٦ السطر ٨.
(٣) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٧٦٤ السطر ٢٧.