.................................................................................................
______________________________________________________
ومحمد بن أبي عمير كانوا يقصّرون حسبما يشير إليه قوله في صحيحة ابن مهزيار المتقدّمة : «فإنّ فقهاء أصحابنا أشاروا إلىّ بالتقصير».
وثالثها : صحيحة معاوية بن وهب ، قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التقصير في الحرمين والتمام ، فقال : لا تتمّ حتّى تجمع على مقام عشرة أيام فقلت : إنّ أصحابنا رووا عنك أنّك أمرتهم بالتمام ، فقال : إنّ أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلّون ويأخذون نعالهم ويخرجون والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة ، فأمرتهم بالتمام» (١).
فإنّها واضحة الدلالة على أنّ أمره (عليه السلام) أوّلاً بالقصر كان لأجل التقيّة ، وأنّ التمام مشروع في نفسه ، وإلّا فلو لم يكن مشروعاً ولا صحيحاً ، أكان مجرّد الخروج والناس يستقبلونهم من مسوّغات التمام ، وهل هذا إلّا أمر بترك الصلاة في هذا اليوم. فنفس هذا البيان شاهد صدق على استناد الأمر بالقصر إلى التقيّة ، وإلّا فكيف يأمر الإمام (عليه السلام) بالإتيان بغير المأمور به ، هذا.
ويمكن تأييد المطلوب برواية عبد الرحمن بن الحجاج ، قال «قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إنّ هشاماً روى عنك أنّك أمرته بالتمام في الحرمين وذلك من أجل الناس ، قال : لا ، كنت أنا ومَن مضى من آبائي إذا وردنا مكّة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس» (٢) حيث يظهر من استتار التمام مخالفته للتقية ، وأنّ عمل العامة كان على القصر.
وإنّما لم نستدلّ بها لأنّها مضافاً إلى نوع غموض وتشويش في دلالتها (٣) كما
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥٣٤ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٣٤.
(٢) الوسائل ٨ : ٥٢٦ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٦.
(٣) فانّ مقتضى صدرها أنّ عمل الناس آن ذاك كان على التمام ، ولأجله أمر (عليه السلام)