.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الثاني : فلما تقدّم من منع استلزام ترك الفحص للوقوع في خلاف الواقع غالباً حتّى في أمثال هذه الموارد ، فانّ الشكّ في المسافة أو في قصد المتبوع وكذا الاستطاعة والنصاب ونحو ذلك ليس ممّا يكثر الابتلاء به كي يوجب العلم إجمالاً بالمخالفة لو لم يفحص كما لا يخفى.
فشأن هذه الموارد شأن سائر موارد الشبهات الموضوعية في اشتراك الكلّ في عدم وجوب الفحص بمناط واحد ، ولا تمتاز
عنها بشيء.
الجهة الثانية : لا يخفى أنّ الشك في المسافة يمتاز عن غيره من سائر موارد الشبهات الموضوعية في اختصاصه بعدم وجوب الفحص ، حتّى لو بنينا على ثبوت القصر واقعاً وسلمنا وجوب الفحص فيما يوجب تركه الوقوع في مخالفة الواقع غالباً كما في الشكّ في الاستطاعة ، وبلوغ المال حدّ النصاب ونحو ذلك لاختصاص المقام بعدم احتمال الوقوع في خلاف الواقع بتاتاً.
ضرورة أنّ الشاك الباني على التمام استناداً إلى أصالة التمام لا يخلو إمّا أن ينكشف له الخلاف في الوقت ، أو في خارجه ، أو لا ينكشف رأساً ، ولا رابع.
فعلى الأوّل : يعيدها قصراً ، فلم يفته الواقع كما هو واضح.
وعلى الثاني : فهو محكوم بالإجزاء ، لصحيحة العيص بن قاسم الصريحة في عدم القضاء لو أتمّ في موضع التقصير جهلاً (١) كما سنتعرّض له في محلّه (٢) إن شاء الله تعالى مفصّلاً ، فلم يفته الواقع أيضاً.
وعلى الثالث : فالإجزاء فيه بطريق أولى ، إذ مع القطع بالخلاف وحصول الانكشاف لم يجب القضاء ، فما ظنّك بالشك. فعلى جميع التقادير لا يحتمل
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥٠٥ / أبواب صلاة المسافر ب ١٧ ح ١.
(٢) في ص ٣٦٠ وما بعدها.