.................................................................................................
______________________________________________________
والجزم ، فهل يقصّر حينئذ نظراً إلى أنّه قصد المسافة وقد قطعها خارجاً فيشملها إطلاقات الأدلّة الدالّة على إناطة التقصير بقصد الثمانية وطيّها؟
الظاهر هو الحكم بالتمام ، لأجل قوله (عليه السلام) في موثقة عمار المتقدّمة : «... لا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ» (١).
فانّ التعبير بصيغة المضارع في قوله : «حتّى يسير» يعطينا لزوم التلبّس الفعلي بكون سيره من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ، وهذا لا يكون إلّا مع استمرار القصد ، بأن يكون القصد المزبور محفوظاً من لدن خروجه من المنزل وحتّى النهاية ، وإلّا ففي حال الرجوع عن عزمه أو التردّد لا يصدق أنّه متلبّس فعلاً بالسير من منزله أو قريته إلى ثمانية فراسخ.
فتحقيقاً للتلبّس الفعلي المستفاد من التعبير بالمضارع لا بدّ من مراعاة القصد المزبور في جميع آنات السير ، بأن يكون متّصفاً بهذا العنوان أي عنوان أنّه يسير من منزله إلى ثمانية فراسخ في جميع الحالات وحتّى نهاية المسافة ، فكما يعتبر القصد من الأوّل يعتبر في الأثناء أيضاً ، فلو تردّد لم يصدق أنّه سار من منزله إلى ثمانية فراسخ ، بل يصدق أنّه سار من منزله إلى فرسخين مثلاً ثمّ سار الباقي متردّداً.
وبالجملة : مورد القصد أي العلم لا يقبل عروض الشكّ ، ومبدأ هذا العلم من منزله ، ومنتهاه نهاية الثمانية فراسخ ، فمتى تحقّق يقصّر ، وإلّا لم يكن مسافراً ، بل يندرج تحت عمومات وجوب التمام على كل مكلّف حسبما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.