.................................................................................................
______________________________________________________
ولم ينهض أيّ دليل على التخصيص بالأوّل.
الثالث : دعوى انّ الصرف وإن صحّ في الفقير لكنّه لا يتمّ في الصغير إلّا بإذن وليّه ، لأنّه تصرّف فيه من غير مسوّغ فيحرم.
وفيه ما لا يخفى ، ضرورة أنّ التوقّف على الإذن إنّما هو التصرّفات الاعتباريّة من العقود والإيقاعات وما يلحق بها كالقبض والإقباض ، وأمّا التصرّفات التكوينيّة والأفعال الخارجيّة سيّما الحاوية على نوع من الإحسان كالإطعام والإكساء وسقي الماء وما شاكلها فلم ينهض دليل على اعتبار الاستئذان فيها من الولي.
ويمكن استفادة ذلك من صحيحة يونس بن يعقوب المتقدّمة (١) بقوله : فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً ... إلخ ، حيث دلّت على جواز الصرف عليهم من دون مراجعة الولي.
إذن فالقول بجواز الصرف كالتمليك من غير حاجة إلى الاستئذان من الولي مطلقاً هو الأصحّ.
وأمّا ما في المتن من التفصيل في الصرف بين وجود الولي الشرعي وعدمه فغير واضح ، فإنّه إن جاز الدفع من دون الاستئذان ساغ حتّى مع وجود الولي ، وإلّا لما جاز حتّى مع عدمه. على أنّه لا يوجد على مذهبنا فقير لا وليّ له ، فإنّه إن كان له ولي شرعي من الأب أو الجدّ أو القيّم فهو ، وإلّا فتنتهي النوبة إلى الحاكم الشرعي الذي هو ولي من لا ولي له من الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ أو عدول المؤمنين ، فلم يتحقّق مورد لانعدام الولي رأساً.
وعلى الجملة : فالأمر دائر بين الجواز المطلق وبين العدم كذلك ، ولا مجال للتفصيل المزبور بوجه ، وقد عرفت أنّ الأظهر هو الأوّل.
__________________
(١) في ص ١٣٧.