فقال معاوية : أبقومك تهددين؟ لقد هممت أن أحملك على قتب أشرس ، فأدركك إليه فينفد فيك حكمه.
فبكت. ثم رفعت رأسها وهي تقول :
صلى الإله على روح تضمَّنَها |
|
فبرٌ فأصبح فيها العدل مدفونا |
قد حالف الحق لا يبغي به بدلا |
|
فصار بالحق والإيمان مقرونا |
قال : ومن ذلك؟
قالت : علي ابن أبي طالب.
قال : وما علمك به؟
قالت : أتيته في رجل ولاه صدقاتنا ، لم يكن بيننا وبينه إلا ما بين الغث والسمين ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إليّ انفتل من صلاته ثم قال لي برأفة وتعطف : ألك حاجة؟ فأخبرته الخبر. فبكى ثم قال : اللهم أنت الشاهد عليّ وعليهم ، إني لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا بترك حقك.
ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب ، ثم كتب فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم
(قد جاءكم بينة من ربكم :
(أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (٨٦)) هود / ٨٥ ـ ٨٦.
إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك م عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام.
فأخذته والله ، وما خزمه بخزام ، ولا ختمه بطين.
فقال : رحم الله أبا الحسن. أكتبوا لها بالعدل.
قالت : لي خاصة ، أم لقومي عامةً.
قال : ما أنتِ وغيركِ؟