ثم انصرف.
ووثب الناس إلى سيوفهم ورماحهم ونبالهم يصلحونها ...
قال : فلما كان من الليل خرج علي فعبى الناس ليلته كلها حتى إذا أصبح زحف بالناس وخرج إليه معاوية في أهل الشام فأخذ علي يقول : من هذه القبيلة ومن هذه القبيلة فنسبت له قبائل أهل الشام حتى إذا عرفهم ورأى مراكزهم قال للأزد : اكفوني الأزد ، وقال لخثعم : اكفوني خثعم. فأمر كل قبيلة من أهل العراق أن تكفيه أختها من أهل الشام إلا أن تكون قبيلة ليس منها بالشام أحد فيصرفها إلى قبيلة أخرى تكون بالشام ليس منهم بالعراق احد مثل بجيلة لم يكن بالشام منهم إلا عدد قليل فصرفهم إلى لخم.
قال أبو مخنف : حدثني مالك بن أعين عن زيد بن وهب الجهني أن عليا خرج إليهم غداة الأربعاء فاستقبلهم فقال :
اللهم رب السقف المرفوع المحفوظ المكفوف ، الذي جعلته مغيضا لليل والنهار ، وجعلت فيه مجرى الشمس والقمر ومنازل النجوم ، وجعلت سكانه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة.
ورب هذه الأرض التي جعلتها قرارا للأنام والهوام والأنعام وما لا يحصى مما لا يرى ومما يرى من خلقك العظيم.
ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ورب السحاب المسخر بين السماء والأرض.
ورب البحر المسجور المحيط بالعالم ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتادا وللخلق متاعا.
إن أطهرتنا على عدونا فجنبنا البغي ، سددنا للحق.
وإن أظهرتهم علينا فارزقني الشهادة واعصم بقية أصحابي من الفتنة. (١)
وفيه أيضا قال أبو مخنف : حدثني مالك بن أعين عن زيد بن وهب الجهني أن ابن بديل قام في أصحابه فقال : ألا إن معاوية ادعى ما ليس أهله ، ونازع هذا الأمر من
__________________
(١) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٥٤.