ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحق ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، قد زين لهم الضلالة ، وزرع في قلوبهم حب الفتنة ، ولبس عليهم الأمر وزادهم رجسا إلى رجسهم ، وأنتم على نور من ربكم وبرهان مبين. فقاتلوا الطغاة الجفاة ولا تخشوهم ، فكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب الله عز وجل طاهرا مبرورا ، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين وقد قاتلناهم مع النبي صلىاللهعليهوآله مرة وهذه ثانية والله ما هم في هذه بأتقى ولا أزكى ولا أرشد قوموا إلى عدوكم بارك الله عليكم فقاتل قتالا شديدا هو وأصحابه. (١)
وفيه أيضا قال أبو مخنف : حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد بن وهب أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى مواقعها ومصافها وكشفت من بإزائها من عدوها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم أقبل حتى انتهى إليهم فقال : إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم يحوزكم الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنانم الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن. وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا إقبالكم بعد أدباركم وكركم بعد انحيازكم وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره وكنتم من الهالكين ولكن هون وجدي وشفى بعض أحاح نفسي إني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم تحسونهم بالسيوف تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطردة الهيم فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة. وثبتكم الله عز وجل باليقين ليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه إن في الفرار موجدة الله عز وجل عليه والذل اللازم والعار الباقي واعتصار الفيء من يده وفساد العيش عليه. وإن الفار منه لا يزيد في عمره ولا يرضي ربه فموت المرء محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتأنيس لها الإقرار عليها. (٢)
وروى عن هشام بن الكلبي عن أبي مخنف قال : حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد بنب وهب الجهني أن عمار بن ياسر رحمهالله قال يومئذ : أين من يبتغي رضوان الله
__________________
(١) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٥٥.
(٢) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٥٩.