ومن مسلمة أهل الكتاب تميم الداري (١) الذي سمح له عمر ان يقص في المسجد النبوي ساعة قبل خطبة الجمعة. وقد انتشرت بواسطته أسطورة الجساسة.
ومنهم كعب بن ماتع الحميري (ت سنة ٣٤ هجـ) أحد كبار علماء اليهود الذي لم يدخل في الإسلام زمن النبي على الرغم من ان همدان كلها قد أسلمت على يد علي ودخل في الإسلام زمن عمر وكان آنذاك قد ناهز الثمانين ، وكأن الخليفة قد وجد بغيته فيه فقربه إليه واعتمده في تفسير آيات المبدأ والمعاد وقصص الأنبياء لتملأ الفراغ الثقافي الذي أوجدته سياسة منع نشر الحديث النبوي ومنع السؤال عن تفسير القرآن ، وارتفعت منزلته لديه حيث كان يطلب عمر منه ان يعظه ويخوّفه.
وعلى أثر اعتماد الخليفة عليه ركن الآخرون إلى كعب كما يظهر ذلك مما رواه السيوطي (٢) قال : أخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط ... بسند حسن عن عبد الله بن الحارث قال : كنت عند عائشة رضياللهعنها وعندها كعب رضياللهعنه فذكر إسرافيل عليهالسلام فقالت عائشة : أخبرني عن إسرافيل عليهالسلام؟ ... قال : له أربعة أجنحة جناحان في الهواءِ وجناح قد تسربل بهِ وجناح على كاهلهِ والقلم على أذنه فإذا نزل الوحي كتب القلمِ ثم درست الملائكةِ وملك كالصور جاث على إحدى ركبتيهِ وقد نصب الأخرىِ فالتقم الصورِ محنى ظهره وقد أمر إذا رأى إسرافيل قد ضم جناحيه أن ينفخ في الصور. (٣)
__________________
(١) تميم بن أوس بن خارجة أبو رقية الداري انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان ونزل بيت المقدس وكان إسلامه سنة تسع روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعنه أبن عمر وأبو هريرة وأنس بن مالك وزرارة بن أوفى وروح بن زنباع وعبد الله بن موهب وعطاء بن يزيد الليثي وهشر بن حوشب وعبد الرحمن بن غنم وجماعة مات بالشام ولا عقب له قال قتادة كان من علماء أهل الكتاب (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ، ج ١ ص ٥٣٩). قال السائب بن يزيد هو أول من قص بإذن عمر توفي سنة أربعين م ٤ (الذهبي ، الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة ، ج ١ ص ١١٤). وفي فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٣٧ ان عمر ألحقه بأهل بدر في العطاء. مضافا إلى انه عينه ليؤم الناس في للصلاة التي ابتدعها في ليالي شهر رمضان.
(٢) السيوطي ، الدر المنثور في التفسير المأثور ، دار المعرفة بيروت ، ج ٣ ص ٤٢. والطبراني ، المعجم الاوسط ، ج ٦ ص ٤٢٥ ، أبو نعيم ، حلية الأولياء ج ٦ ص ٤٦.
(٣) نقلنا ذلك من كتاب القرآن وروايات المدرستين للعلامة العسكري ، ج ٢ ص ٤٢٨ ـ ٤٣١ ، وتراجع مروياته في حلية الأولياء لابي نعيم ج ٦ ص ٤٧٣ فان فيها العجب العجاب.