المؤمنين قادم عليكم فبه ائتموا (١) .. ثم ذكر أمره بفصل الحج عن العمرة. (٢)
وفي حلية الأولياء : ان عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في اشهر الحج وقال : فعلتها مع رسول الله وأنا أنهى عنها. وذلك ان أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا في اشهر الحج وإنما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثم يقدم فيطوف بالبيت ويحل ويلبس ويتطيب ويقع على أهله ان كانوا معه حتى إذا كان يوم التروية أهَلَّ بالحج وخرج إلى منى يلبي بحجة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلا يوما ، والحج افضل من العمرة ، لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقوهم تحت الأراكن مع ان أهل هذا البيت (أي أهل مكة) ليس لهم ضرع ولا زرع ، وإنما ربيعهم بمن يطرأ عليهم. (٣)
وفي رواية مسلم : فقال عمر : قد علمت ان النبي فعله وأصحابه ولكن كرهت ان يضلوا معرَّسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم. (٤)
وقد نقل النووي في شرح صحيح مسلم (٥) عن القاضي عياض ان عمر كان يضرب على متعة الحج.
اما إضافة سيرة الشيخين إلى مصادر التشريع فتوضحه روايات قصة الشورى وبيعة عثمان وقد مرت ونذكر خلاصتها :
قال عبد الرحمن بن عوف لعلي بن أبيط الب : عليك عهد الله وميثاقه ، إن بايعتك لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله ، وسيرة أبي بكر وعمر! (٦)
__________________
(١) يؤكد قول الاشعري هذا ان السلطة القرشية بعد النبي صلىاللهعليهوآله كانت قد عرضت نفسها على انها السلطة التشريعية ، بمعنى ان الدين هو ما تقرره ، مضافا إلى السلطة الاجرائية أو المدنية.
(٢) البخاري ، صحيح البخاري ، ص ٣٢٥. ومسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ص ٤٥٨. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ج ١ ص ١٨١. وسنن النسائي ص ٤٤٩. وابو يعلى ، مسند أبي يعلى ج ٥ ص ٣٩٤. البزار ، مسند البزار ج ١ ص ٣٤٦. والمتقي الهندي ، كنز العمال ، ج ٥ ص ٦٤.
(٣) أبو نعيم ، حلية الأولياء ج ٥ ص ٢٣٣ ، المتقي الهندي ، كنز العمال ، ج ٥ ص ٦٤.
(٤) مسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ص ٤٥٨. والطيالسي ، مسند الطيالسي ج ١ ص ٢٧١. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ج ١ ص ٣١٢. والنسائي ، سنن النسائي ص ٤٤٨ ، من هذه الرواية نفهم ان عمر كان من الذين انكروا على رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر متعة الحج وانه قال ضمن من قال (انغدوا حجابا ورؤوسنا تقطر).
(٥) النووي ، شرح صحيح مسلم ، دار الكتاب العربي ١٩٨٧ م ، ج ١ ص ١٧٠.
(٦) العيني ، عمدة القاري ، ج ٢٤ ص ٤٠٥. وابن حجر ، فتح الباري ج ١٣ ص ٢٣٦.