قلت إني جلست إلى المقداد بن عمرو آنفا وعبد الرحمن بن عوف فقالا كذا وكذا ثم قام المقداد فاتبعته فقلت له كذا فقال لي كذا فقال علي عليهالسلام لقد صدق المقداد ، فماذا اصنع؟
فقلت تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك وبخبرهم انك أولى بالنبي صلىاللهعليهوآله ، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك فإذا أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين ، فان دانوا لك فذاك وإلا قاتلتهم وكنت أولى بالعذر قتلت أو بقيت ، وكنت أعلى عند الله حجة ،
فقال عليهالسلام : أترجو يا جندب ان يبايعني من كل عشرة واحد؟ قلت أرجو ذلك ، قال لكني لا أرجو ذلك ، لا والله ولا من المائة واحد ، وسأخبرك ان الناس ينظرون إلى قريش فيقولون هم قوم محمد وقبيله ، واما قريش بينها تقول ان آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا ويرون انهم أولياء هذا الأمر دون قريش ودون غيرهم من الناس وهم ان وَلَوْه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا ومتى كان في غيرهم تداولته قريش بينها ، لا والله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا.
فقلت جعلت فداك يا بن عم رسول الله لقد صدعت قلبي بهذا القول أفلا ارجع إلى المصر فأوذن النسا بمقالتك وأدعو الناس إليك فقال يا جندب ليس هذا زمان ذاك.
قال فانصرفت إلى العراق فكنت اذكر فضل علي على الناس فلا اعدم رجلا يقول لي ما اكره واحسن ما اسمعه قول من يقول دع عنك هذا وخذ فيما ينفعك فأقول ان هذا مما ينفعني وينفعك فيقوم عني ويدعني. (١)
وفي الإرشاد قال : فكنتُ كلّما ذكرتُ للناس شيئاً من فضائل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ومناقبه وحقوقه زَبرُوني ونَهَرُوني ، حتى رُفِعَ ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة لياليَ وَلِيَنَا ، فبعث إليّ فحبسني حتى كُلّمَ فيَّ فخلَّى سبيلي. (٢)
__________________
(١) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج ٩ ص ٥٦ نقلا عن سقيفة الجوهري.
(٢) المفيد ، الإرشاد ، ج ١ ص ٢٤١. والطوسي ، الأمالي ، ج ٢٣٤ ؛ وابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ٩ ص ٥٧ نحوه.