في تقريب اسرته وتسليمهم ولاية الأمصار ، فقد عزل عمرو بن العاص عن مصر سنة ٢٥ هـ وعين اخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان النبي قد أهدر دمه في فتح مكة وأجاره عثمان ثم عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة سنة ٢٥ هـ وعيَّن أخاه لامه الوليد بن عقبة الفاسق بنص القرآن. وفي سنة ٢٦ هـ جمع الشام كلها لمعاوية. وفي سنة ٢٧ هـ عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولى مكانه عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس وهو ابن أربع وعشرين سنة وضم إليه ولاية فارس.
قرر علي عليهالسلام في جو استحكام الخلاف بين بطون قريش وعثمان وتذمر الناس من تصرف ولاته ان يحيي حج التمتع الذي نهى عنه عمر صار هذا النهي جزءا من السيرة التي التزمها عثمان في خلافته وكانت مدخلا ميَّز عليا عليهالسلام في نهضته في قبال المعارضة القرشية لعثمان التي كانت تستهدف الاطاحة بحكم عثمان وبني أمية وتداول السلطة في بطون قريش كما كان أيام أبي بكر وعمر.
نهض مع علي وجوه من صحابة النبي كما في رواية البخاري :
روى مالك في الموطأ :
«ان المقداد بن الأسود (ت ٣٣) دخل على علي عليهالسلام بالسُقْيا (١) وهو يُنجِع بَكرات له دقيقا وخبطا ، فقال هذا عثمان بن عفان ينهى ان يقرن بين الحج والعمرة ، فخرج علي عليهالسلام وعلى يديه اثر الدقيق والخبط فما أنسى اثر الدقيق والخبط ، على ذراعيه ، حتى دخل على عثمان فقال : أنت تنهى عن ان يُقْرَنَ بين الحج والعمرة ، فقال : عثمان ذلك رأيي ، فخرج عليٌّ عليهالسلام مغضبا وهو يقول : لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا». (٢)
__________________
فلم يكلّمه حتى مات» وقال ابن عبد ربه في العقد الفريد ج ٢ ص ٢٨٠. : «لمّا أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الأحداث من أهل بيته على الجلّة من أصحاب محمّد قيل لعبد الرحمن هذا عملك قال : ما ظننت هذا ، ثمّ مضى ودخل عليه وعاتبه وقال إنّما قدّمتك على ان تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر فخالفتهما وحابيت أهل بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين. فقال : انّ عمر كان يقطع قرابته في الله وأنا أصل قرابتي في الله. قال عبد الرحمن : لله عليَّ أن لا أكلمك أبداً ، فلم يكلّمه حتى مات وهو مهاجر لعثمان ، ودخل عليه عثمان عائداً له في مرضه فتحوّل عنه إلى الحائط ولم يكلّمه». وقال ابن قتيبة في المعارف ص ٢٣٩ : كان عثمان بن عفان مهاجرا لعبد الرحمن ابن عوف حتى ماتا.
(١) و (السقيا) قرية جامعة بطريق مكة ، بينهما مما يلي الجحفة تسعة عشر ميلا.
(٢) موطأ مالك الحديث ٤٠ من باب القِران في الحج : ٣٣٦ ، وابن كثير ٥ : ١٢٩ ، (ينجع) يسقي ،