إلى ذكر الرذائل ، ومن تعديد المحاسن إلى تعديد المساوي والمقابح. ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من الميل إلى الهوى وحبِّ العصبيَّة ، وأن يجرينا على ما عوَّدنا من حبِّ الحقِّ أين وجد وحيث كان ، سخط ذلك من سخط ، ورضى به من رضى بمنَّه ولطفه. (١)
أقول :
ليس من شك أنَّ قول ابن أبي الحديد هذا مجانب للصواب ، إذ أنَّ البادئ بوضع الحديث وتشجيع الناس عليه هو معاوية كما مرَّت الأخبار التي رويناها عن ابن أبي الحديد نفسه. وذلك لما انتشر عند أهل الشام في السنوات العشر من صلح الحسن عليهالسلام من حديث الغدير ، وحديث الثقلين ، والمباهلة ، والدار ، والكساء ، والمنزلة ، والمؤآخاة ، وخيبر ، وأُحد ، وحديث بريدة بن الحصيب لمَّا جاء برسالة خالد بن الوليد من اليمن ، يقع فيها في علي عليهالسلام ، وغيرها وأيضا ما ورد في حقِّه من القرآن.
قال ابن أبي الحديد : قد روى ابن عرفة المعروف بابنِ (نفطويه) (٢) ، وهو من أكابر المحدِّثين وأعلامهم في تاريخه ، قال : إنَّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة أُفتعلت في أيّام بني أُمية ، تقرُّباً إليهم بما يظنُّون أنَّهم يرغمون به أُنوف بني هاشم. (٣)
وقال أبو جعفر الإسكافي (ت ٢٢٠ هـ) (٤) :
إنَّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في عليّ عليهالسلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جُعَلّا يُرغب في مثله فاختلقوا ما أرضاه ، منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير. (٥)
__________________
(١) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١١ ص ٤٩٥٠.
(٢) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٧٥ : هو الإمام الحافظ النحوي العلامة الإخباري إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان العتكي الأزدي الواسطي ولد سنة ٢٤٤ هـ وتوفي سنة ٣٢٣ هـ صاحب التصانيف وكان ذا سنَّة ودين من تصانيفه (تاريخ الخلفاء).
(٣) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج ١١ ص ٤٤.
(٤) قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج ٥ ص ٤١٦ : محمد بن عبد الله أبو جعفر الإسكافي أحد المتكلمين من معتزلة البغداديين له تصانيف وكان الحسين بن يزيد الكرابيسي صاحب الشافعي يتكلّم معه ويناظره.
(٥) ومرَّة الهمداني والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع وأبو وائل شقيق بن سلمة وأبو عبد الرحمن