أعطاك؟ قال : أو تعجب من ذلك؟ هذا أبان اللا حقيّ ، قد أخذ من البرامكة بقصيدة قالها واحدة مثل ما أخذته من الرشيد في دهري كله ، سوى ما أخذه منهم ومن أشباههم بعدها (١) ،
أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبي : قال : حدّثني عليّ بن محمد النوفليّ :
أنّ أبان بن عبد الحميد عاتب البرامكة على تركهم إيصاله إلى الرشيد وإيصال مديحه إليه ، فقالوا له : وما تريد من ذلك؟ فقال : أريد أن أحظى منه بمثل ما يحظى به مروان بن أبي حفصة ، فقالوا له : إن لمروان مذهبا في هجاء آل أبي طالب وذمّهم ، به يحظى / وعليه يعطى ، فاسلكه حتى نفعل ، قال : لا أستحلّ ذلك ، قالوا : فما تصنع؟ لا يجيء طلب الدنيا إلا بما لا يحلّ ، فقال أبان :
نشدت بحقّ الله من كان مسلما |
|
أعمّ بما قد قلته العجم والعرب |
أعمّ رسول الله أقربب زلفة |
|
لديه أم ابن العمّ في رتبة النسب |
وأيّهما أولى به وبعهده |
|
ومن ذا له حقّ التّراث بما وجب! |
فإن كان عبّاس أحقّ بتلكم |
|
وكان عليّ بعد ذاك على سبب |
فأبناء عباس هم يرثونه |
|
كما العمّ لابن العمّ في الإرث قد حجب |
وهي طويلة ، قد تركت ذكرها لما فيه ، فقال له الفضل : ما يرد على أمير المؤمنين اليوم شيء أعجب إليه من أبياتك ، فركب فأنشدها الرّشيد ، فأمر لأبان بعشرين ألف درهم ، ثم اتصلت بعد ذلك خدمته الرشيد ، وخصّ به (٢).
ومن أخباره ما ذكره الصولي : قال : حدّثنا محمد بن زياد : قال : حدّثني أبان بن سعيد الحميدي بن أبان بن عبد الحميد :
قال : اشترى جار لجدّي أبان غلاما تركيّا بألف دينار ، وكان أبان يهواه ويخفي ذلك عن مولاة ، فقال فيه :
ليتني ـ والجاهل المغرور من غرّ بليت
نلت ممّن لا أسمّي وهو جاري بيت بيت
__________________
(١) أبو الفرج الاصفهاني ، الاغاني ، ٢٣ / ١١٦.
(٢) أبو الفرج الاصفهاني ، الاغاني ، ٢٣ / ١٢٠.