أخبرنا هشام ، قال : حدثني أبو مخنف ، قال : حدثني الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن جندب بن عبد الله الأزدي ، قال : قام علي بن أبي طالب عليهالسلام في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام ، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم ، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات ، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا ، فأضجره ذلك فقال :
أيها الناس المجتمعة أبدانهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما عزت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، كلامكم يوهن الصم الصلاب ، وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم ، إذا أمرتكم قلتم : كيت وكيت ، وليت وعسى ، أعاليل أباطيل ، وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المطول ، هيهات هيهات ، لا يدفع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر. أي دار بعد داركم تمتعون ، ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟! المغرور والله من غررتموه ، ومن فاز لكم فاز بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصرتكم ، ولا أصدق قولكم ، فرق الله بيني وبينكم ، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم.
أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا ، وسيفا قاطعا ، وأثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة ، تفرق جماعتكم ، وتبكي عيونكم ، وتمنون عما قليل أنكم رأيتموني فنصرتموني ، وستعرفون ما أقول لكم عما قليل ، ولا يبعد الله إلا من ظلم. قال : فكان جندب لا يذكر هذا الحديث إلا بكى ، وقال : صدق والله أمير المؤمنين عليهالسلام ، قد شملنا الذل ، ورأينا الأثرة ، ولا يبعد الله إلا من ظلم. (١)
ولا يوجد فيها تمنية ان يصارف عشرة من اهل الكوفة بواحد من اهل الشام ولا شعر الاعشى.
ومع ذلك فان الرواية محرفة ايضا. والصحيح منها هو قوله عليهالسلام (أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا ، وسيفا قاطعا ، وأثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة ، تفرق جماعتكم ، وتبكي عيونكم).
__________________
(١) الشيخ الطوسي ، الأمالي ص ١٨٠ ـ ١٨١.