احبَّك اهلُ العراق واحببتَ أهل الشام ، واحبَّ أهل الشام عبدَ الملك ، فما تصنع. (١)
أقول :
يريد بأهل العراق في حديثه : هم أهل البصرة ، ورؤوس الجيش الكوفي الذين قاتلوا الحسين وهم شبث بن ربعي وحجار بن ابجر بن الأشعث ، ونظراؤهم الذين بايعوا لدحروجة الجعل واليا لعبد الله بن الزبير بعد موت يزيد ، ثم فروا من المختار إلى البصرة معهم جندهم واستعان بهم مصعب في القضاء على المختار.
٤ : مضافا إلى ذلك فانه ليس من طريقة تفكير علي عليهالسلام ان يرغب بأهل الشام وقد وصفهم بقلة المعرفة والدين ومدح أهل العراق على علمهم ودينهم.
فهو القائل في رسالة إلى معاوية : (وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة).
والقائل في أهل الشام : (جفاة طغام ، عبيد أقزام ، جمعوا من كل أوب ، وتلقطوا من كل شوب ، ممن ينبغي أن يفقه ويؤدب ، ويعلم ويدرب ، ويولي عليه ، ويؤخذ على يديه ، ليسوا من المهاجرين والأنصار ، ولا من الذين تبوؤوا الدار والايمان). (٢)
اما الجزء الآخر من الرواية الثانية وهو الطعن في أهل الكوفة بما وصفهم فيه فيكفي ان راويها أبو معاوية الذي مرت ترجمته.
٥ : وقد روى الخطبة الشيخ الطوسي قال : أخبرني جماعة ، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا محمد بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن سهل ، قال :
__________________
(١) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ٧ ص ٧٥. وفيه ان عبد الله بن الزبير قد اخذ كلامه من علي ، أقول : لكن الصواب هو ما قدمناه في المتن تحت رقم (٢).
(٢) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١٣ ص ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، قال ابن أبي الحديد : جفاة جمع جاف ، أي هم اعراب أجلاف والطغام أوغاد الناس ، ويقال للأشرار واللئام عبيد ، وان كانوا أحرارا. والأقزام ، بالزاي رذال الناس وسفلتهم ، وجمعوا من كل أوب ، أي من كل ناحية. وتلقطوا من كل شوب ، أي من فرق مختلطة. ثم وصف جهلهم وبعدهم عن العلم والدين ، فقال ممن ينبغي أن يفقه ويؤدب ، أي يعلم الفقه والأدب ويدرب ، أي يعد اعتماد الأفعال الحسنة والأخلاق الجميلة. ويولي عليه ، أي لا يستحقون أن يولوا أمرا ، بل ينبغي أن يحجر عليهم كما يحجر على الصبي والسفيه لعدم رشده وروى (ويولى عليه) بالتخفيف. ويؤخذ على يديه ، أي يمنع من التصرف.
أقول : رذال جملع رذل ورذيل وارذل : الدون من الناس. وقيل هو الرديء من كل شيء.