وسار الحسن يريد الشام فالتقيا بمنزل من ارض الكوفة فنظر الحسن إلى كثرة من معه فنادى يا معاوية اني اخترت ما عند الله فان يكن هذا الأمر لك فلا ينبغي لي ان أنازعك فيه وان يكن لي فقد تركته لك فكبر أصحاب معاوية وقال المغيرة عند ذلك أشهد اني سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول إن ابني هذا سيد الحديث وقال في آخره فجزاك الله عن المسلمين خيرا انتهى.
قال ابن حجر وفي صحة هذا نظر من أوجه :
الأول ان المحفوظ ان معاوية هو الذي بدأ بطلب الصلح كما في حديث الباب.
الثاني ان الحسن ومعاوية لم يتلاقيا بالعسكرين حتى يمكن ان يتخاطبا وإنما تراسلا ، فيحمل قوله فنادى يا معاوية على المراسلة ويجمع بأن الحسن راسل معاوية بذلك سرا فراسله معاوية جهرا.
والمحفوظ ان كلام الحسن الأخير انما وقع بعد الصلح والاجتماع كما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في الدلائل من طريقه ومن طريق غيره بسندهما إلى الشعبي قال لما صالح الحسن بن علي معاوية قال له معاوية قم فتكلم فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال اما بعد فان أكيس الكيس التقى وان أعجز العجز الفجور الا وان هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ كان أحق به مني أو حق لي تركته لإرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ثم استغفر ونزل.
وأخرج يعقوب بن سفيان ومن طريقه أيضا البيهقي في الدلائل من طريق الزهري فذكر القصة وفيها فخطب معاوية ثم قال قم يا حسن فكلم الناس فتشهد ثم قال أيها الناس ان الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا وان لهذا الأمر مدة والدنيا دول وذكر بقية الحديث
الثالث ان الحديث لأبي بكرة لا للمغيرة لكن الجمع ممكن بأن يكون المغيرة حدث به عندما سمع مراسلة الحسن بالصلح وحدث به أبو بكرة بعد ذلك وقد روى أصل الحديث جابر أورده الطبراني والبيهقي في الدلائل من فوائد يحيى بن معين بسند صحيح إلى جابر وأورده الضياء في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين وعجبت للحاكم في عدم استدراكه مع شدة حرصه على مثله.