فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليهالسلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم ... فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليهالسلام فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض).
فان زيادا ولاه معاوية الكوفة بعد وفاة المغيرة بن شعبة في شعبان سنة ٥٠ هـ ـ ٥١ هـ ، وقد توفي الحسن عليهالسلام في صفر وفي رواية في ربيع الاول سنة ٥٠ ـ ٥١ هـ أي قبل وفاة المغيرة بن شعبة.
ومما يؤكد ان الغدر بالشروط واهمها الامان ولعن علي قد تم بعد وفاة الامام الحسن أي سنة ٥٠ ـ ٥١ هـ اننا حين تتبعنا تاريخ من قتلهم زياد بامر معاوية او دفنهم احياء او نفاهم او شردهم من شيعة علي كحجر واصحابه وعبد الرحمن بن حسان الذي دفنه حيا ، وعمرو الحمق الخزاعي وزوجته امنة بنت الشريد وصعصعة بن صوحان وتسيير خمسين الف من الكوفة والبصرة بعيالاتهم وجدنا ذلك كله بعد وفاة الحسن عليهالسلام أي في سنة ٥١ هـ وهو اكتشاف تاريخي لم يسبق ان انتبه اليه الباحثون.
وفي ضوء ذلك فان رواية سليم بن قيس لقضية كتابة معاوية الى عماله نسخة في نهيهم لذكر فضائل علي اكثر دقة على انها قد اصابها تحريف ايضا ، (١) فان سليم يذكر ان معاوية كتب كتابه الى عماله وهو في المدينة ولا يمكن ان يكون قد كتبه في سنة ٤٤ هجرية لما ذكرناه انفا من جوابه لعائشة بنت عثمان لما تلقته وهي تندب اباها ، بل كتبه لما ززار المدينة بعد رجوعه من الحج سنة ٥٠ ـ ٥١ هـ ..
قال سليم : وكان معاوية يومئذ بالمدينة ، فعند ذلك نادى مناديه وكتب بذلك نسخة إلى جميع البلدان إلى عماله (٢) : (ألا برئت الذمة ممن روى حديثا في مناقب علي بن أبي طالب أو فضائل أهل بيته وقد أحل بنفسه العقوبة ... ثم إن معاوية مر بحلقة
__________________
(١) الطبرسي ، الاحتجاج ، ج ٢ ص ١٩.
(٢) هذا النداء منه بعد موت الحسن عليهالسلام وموت سعد بن ابي وقاص.