وكذلك هي ليس صعبة على العراقيين شيعة علي عليهالسلام المؤمنين بمشروعه ، فهم على نهجه يحملون همَّ هداية الأمة ومؤازرة القائد الإلهي المذخور لها. وليسوا طلّاب سلطة ودنيا وقد شهد لهم علي عليهالسلام بذلك.
قال عليهالسلام : (وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الاخرة). (١)
وقال عليهالسلام مخاطبا لهم : أنتم الأنصار على الحق ، والإخوان في الدين والجنن يوم الباس والبطانة دون الناس. (٢)
وقال عليهالسلام : الكوفة كنز الإيمان وحجة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث شاء ، والذي نفسي بيده لينتصرنَّ الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز. (٣)
ولا زالت الكلمة الرائعة التي تمثل بها الحسن عليهالسلام حينرحل عن الكوفة بعد الصلح في حُسن ثقته بالعراقيين يحفظها التاريخ وهي قوله :
__________________
المالكي في كتابه (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي ص ٢٤٣) يقول : (ومثلما حارب الرافضة حديث (صلح الحسن) فقد حارب النواصب (حديث عمار) ، إما بتضعيفه (رغم أنه متواتر ...) : أقول : ان عمل الحسن كان صحيحا لانه معصوم ، وكان اصلاحا حقيقتا في الامة سواء بالتحليل الذي تبنته هذه الدراسة او بالتحليل السائد اذ ان الامة قد توحد شقاها وساد الامان فيها عشر سنوات واختلط العراقيون بالشاميين وتعرفوا على سيرة علي واحاديث النبي صلىاللهعليهوآله فيه وفي اهل بيته ، ولم يروَّع شيعي واحد خلال هذه الفترة وانما نكث معاوية عهده مع الحسن وغدر به سنة خمسين حيث دس له السم ونقض كل شرط اشترطه. والحديث النبوي فيه نبوءة تتحققت وهداية للنصف الغربي من البلاد الاسلامية جرت على يد الحسن عليهالسلام. نعم هناك بعض الكتاب المحدثين من الشيعة حاول تضعيف الحديث ولعل مرد ذلك الى تركيز بعض الكتاب السنة على صلح الحسن ومحاولتهم تخطئة قتال علي عليهالسلام لاهل الشام من خلاله ، مضافا الى الغفلة عن كلمة الامام الحسن وكلمة الامام الباقر في الصلح. غير ان كلا الموفقين لا يمثلان الموقف العام لدى المدرستين.
(١) ابن ابي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ١٥ ص ٨١. والدينوري ، الاخبار الطوال ص ٢٧٨. ونصر بن مزاحم ، وقعة صفين ، ٤٧١.
(٢) ابن ابي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج ٧ ص ١٩٣. (قال ابن ابي الحديد : الجَنَن : جمع جُنة ، وهي ما يستر به. وبطانة الرجل : خواصه وخالصته الذين لا يطوى عنهم سره.).
(٣) الحموي ، معجم البلدان ج ٧ ص ١٦٠ وعن سعيد بن الوليد الهجري عن أبيه قال قال علي وهوبالكوفة ما أشد بلايا الكوفة لا تسبوا أهل الكوفة فوالله إن فيهم لمصابيح الهدى وأوتاد ذكر ومتاع إلى حين والله ليدقن الله بهم جناح كفر لا ينجبر أبدا إن مكة حرم إبراهيم والمدينة حرم رسول الله صلىاللهعليهوسلم والكوفة حرمي ما من مؤمن إلا وهو من أهل الكوفة أو هوواه لينزع إليها ألا إن الأوتاد من أبناء الكوفة وفي مصر من الأمصار وفي أهل الشام أبدال تاريخ مدينة دمشق ج ١ ص ٢١٩.