أنَّ مبرر الصلح بشكل تنازل مشروط عن السلطة الذي تبلور عند الإمام الحسن عليهالسلام ليس مرده إلى طبيعة التخاذل والضعف في شخصية الحسن عليهالسلام كما تبنى المستشرقون ذلك اعتماداً على روايات موضوعة.
ولا إلى الخيانات والضَّعف والشك الذي عاشه جيش الحسن عليهالسلام أو شَعبه كما تصوره لنا روايات أخرى كلها من وضع الإعلام العباسي.
بل مرده إلى تفكير موضوعي في الظرف الذي تمر به الرسالة والامة ليحفظ مصالحهما ،
اما مصلحة الرسالة فقد نهض بها علي عليهالسلام ليكون الكتاب والسنة دون اضافة راي احد هي الدستور الحاكم في البلاد وليكون راي الحاكم في المسائل الدينية العملية الشخصية مذهبا من المذاهب يترك فيه الخيار للامة ان شاءت اخذت به وان شاءت تركته واخذت براي اخر ،
اما مصلحة الامة في زمن الحسن عليهالسلام فهي معالجة الانشقاق الذي استحكم فيها ، وملاحقة الارهابيين الذين نغصوا العيش الامن للناس ، ومواجهة تهديد الروم على الجبهة الشمالية الشرقية.
مضافا الى ذلك ان التنازل من الحسن عليهالسلام كان بحدود (السلطة المدنية) التي كانت له في العراق وقد جاءته ببيعة مشروعة ، اما (الامامة الدينية) التي جعلها الله تعالى له فهي غير قابلة للتنازل لانها لم تأته على اساس بيعة الناس بل جاءته بالوصية من النبي قبل ان يبايعه الناس على الحكم هذه الامامة الدينية التي يشترط فيها عصمة صاحبها لانها تترتب عليها مسؤولية حفظ الرسالة وقيادة الناس الى الله تعالى كما في قوله تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)) الأنعام / ٨٩ ـ ٩٠. ويترتب على الناس ان ينصروه ليقوم بمهمة حفظ الرسالة واحيائها المهمة التي نهض بها امير المؤمنين ، نظير بيعة اهل المدينة للنبي نصروه ليبلغ رسالة الله التي منعته من تبليغها قريش ، والصلح الذي قام به الحسن انما هو معالجة الانشقاق وفضح قريش معاوية الذي صد عليا عليهالسلام عن مشروع احياء السنة في الشام ، نظير الصلح الذي قام به