عقرداره كانت واجهة استخدمها لجلب العواطف ، يطلب بها إغواء رعاع الناس ، ولأجل ذلك لمّا قتل عليّ وصالحه الحسن وأخذ بزمام الأمر ، لم يبحث عن قتلة عثمان.
قال ابن أبي الحديد في شرحه :
« مراده أنّ الخوارج ضلّوا بشبهة دخلت عليهم ، وكانوا يطلبون الحق ، ولهم في الجملة تمسّك بالدين ، ومحاماة عن عقيدة اعتقدوها ، وإن اخطأوا فيها ، وأمّا معاوية فلم يكن يطلب الحق ، وإنّما كان ذا باطل لايحامي عن اعتقاد قد بناه على شبهة ، وأحواله كانت تدلّ على ذلك ، فإنّه لم يكن من أرباب الدين ، ولاظهر عنه نسك ، ولاصلاح حال ، وكان مترفاً يذهب مال الفئ فى مآربه ، وتمهيد ملكه ، ويصانع به عن سلطانه ، وكانت أحواله كلّها موذنة بانسلاخه عن العدالة ، وإصراره على الباطل ، واذا كان كذلك لم يجز أن ينصر المسلمون سلطانه ، وتحارب الخوارج عليه ، وإن كانوا أهل ضلال ، لأنّهم أحسن حالا منه ، فإنّهم كانوا ينهون عن المنكر ويرون الخروج على أئمّة الجور واجباً (١).
__________________
١ ـ ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٥ / ٧٨.