يرتدع. وسار بجمع من أصحابه فالتقى في طريقه رجلا مسلماً فسأله عمّا يقوله في علي ، فأثنى عليه وقدّمه. فحملت عليه عصابة من أصحاب الخريت فقطّعوه بأسيافهم ، بينما التقوا يهودياً فخلّوا سبيله. أرسل عليّ في أثرهم زياد بن خضعة البكري في عدد قليل من العساكر فأدركهم في أرض المذار ، فدعا زياد صاحبهم الخريت ، فسأله عمّا نقمه من أمير المؤمنين ، فأخبره بأنّه لايرضى بعليّ إماماً ، فطلب إليه تسليمه قتلة الرجل المسلم ، فأبى عليه ذلك. فاقتتلوا قتالا شديداً دون أن يتمكّن أحدهما من الآخر ، حتى جاء الليل فحجز بينهما ، وتحت جنح الظلام تنكّر الخريت وأصحابه واتّجهوا صوب الأهواز ، وكتب زياد إلى عليّ بما جرى بينهما. فانتدب عليّ معقل بن قيس الرياحي في جيش قوامه أربعة آلاف رجل ، وبعث به في طلب الخريت الذي كان قد اجتمع إليه كثير من قطّاع الطرق والخارجين على النظام ممّن كسروا الخراج كما انضمّت إليه طائفة من الأعراب كانت ترى رأيه ، وتمكّنوا من بعض مناطق فارس وأخرجوا عاملها لعلي سهل بن حنيف ، ثم كان اللقاء بين الفريقين قرب جبل من جبال رامهرمز ، فخرج الخريت من المعركة منهزماً حتى لحق بساحل بحر فارس.
ولكنّ الخريت لم يلق سلاحه ، بل استمرّ بجمع الناس حوله ، فكان يأتي من يرى رأي الخوارج فيسر إليهم : « إنّي أرى رأيكم ، وانّ عليّاً ماكان ينبغي له أن يحكّم الرجال في دين الله » ثم يأتي لمن يرى رأي عثمان وأصحابه ، فيقول لهم : « أنا على رأيكم ، وانّ عثمان قتل مظلوماً معقولا » كما كان يجيء مانعي الصدقة فيقول : « شدّوا على صدقاتكم ثم صلوا بها أرحامكم ، وعودوا إن شئتم على فقرائكم ، وهكذا كان يعمل على إرضاء كلّ طائفة من الناس بضرب من القول يتّفق وهواهم. وبذلك استطاع أن يستهوي كثيراً من الأقوام من مختلف الميول والاتجاهات. ولمّا علم معقل بموقعه بساحل البحر بفارس ، عبّأ جنده وزحف