وأصاب سيفه الباب ، وضربه ابن ملجم على صَلْعَتِه (١) فقال علي : فزت ورب الكعبة ، شأنكم بالرجل. فيروى عن بعض من كان بالمسجد من الأنصار ، قال : سمعت كلمة عليّ ورأيت بريق السيف ، فأمّا ابن ملجم فحمل على الناس بسيفه فأفرجوا له وتلقّاه المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب بقطيفة فرمى بها عليه ، واحتمله فضرب به الأرض ، فقعد على صدره ، وأما شبيب فانتزع السيف منه رجل من حضرموت وصرعه وقعد على صدره وكثر الناس فجعلوا يصيحون : عليكم صاحب السيف ، فخاف الحضرميّ أن يكنُّوا عليه ولايسمعوا عذره فرمى بالسيف ، وانسلّ شبيب بين الناس فَدُخِلَ على عليّ فاومر فيه ، فاختلف الناس في جوابه فقال علي : « إن أعش فالأمر إليّ ، وان اُصب فالأمر لكم ، فإن آثرتم أن تقتصّوا فضربة بضربة وإن تعفوا أقرب للتقوى » .... ومات عليّ ـ صلوات الله ورضوانه عليه ورحمته ـ في آخر اليوم الثالث [ واتّفقوا على القصاص ] فدعا به الحسن ـ رضي الله عنه ـ [ فقال ابن ملجم له ] : إنّ لك عندي سرّاً فقال الحسن ـ رضوان الله عليه ـ : أتدرون ما يريد؟ يريد أن يقرب من وجهي فيعضّ اُذني فيقطعها. فقال : أما والله لو أمكنني منها لاقتلعتها من أصلها. فقال الحسن : كلاّ والله لأضربنّك ضربة تؤدّيك إلى النار (٢).
هذا ما ذكره المبرّد في كامله ووافقه عدّة من المؤرّخين غير أنّ أهل البيت أدرى بما في البيت ، والصحيح أنّه قتل في المحراب وهو يصلّي الفجر وانّه ضرب في ليلة التاسعة عشر من شهر رمضان واستشهد في ليلة الحادية والعشرين منه : وإليك كلمة عن الإمام الرضا عليهالسلام في ذلك المجال
__________________
١ ـ العبارة تعرب عن كونه مقتولا في باب المسجد ولكنّه مردود بقول أئمة أهل البيت على أنّه قتل في محراب عبادته.
٢ ـ المبرّد : الكامل ٢ / ١٤٨. الطبري : التاريخ ٤ / ١١٠ ـ ١١٢ ـ ابن الأثير : الكامل ٣ / ١٩٤ ـ ١٩٥. الدينوري : الأخبار الطوال ٢١٤. المسعودي : مروج الذهب ٤ / ١٦٦.