برمّتك. (١).
ويؤيّد ذلك ما ذكره المبرّد في كامله : لمّا استقرّت الخوارج في حروراء بعث علي عليهالسلام إليهم صعصعة بن صوحان العبدي وزياد بن النضير الحارثي مع عبدالله بن عباس فقال لصعصعة : بأي القوم رأيتهم أشدَّ إطاقة؟ فقال : يزيد بن قيس الأرحبّي ، فركب علي إليهم إلى حروراء ، فجعل يتخلّلهم حتى صار إلى مَضْرب يزيد بن قيس ، فصلّى فيه ركعتين ، ثم خرج فاتّكأ على قوسه ، وأقبل على الناس ، فقال : هذا مقام من فلج (٢) فيه فلج يوم القيامة ، ثمّ كلّمهم وناشدهم ، فقالوا : أنّا أذنبنا ذنباً عظيماً بالتحكيم ، وقد تبنا ، فتب إلى الله كما تبنا نعدلك ، فقال علي عليهالسلام : أنا استغفر الله من كلّ ذنب ، فرجعوا معه وهم ستّة آلاف ، فلمّا استقرّوا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّاً عليهالسلام رجع عن التحكيم ، ورآه ظلالا وقالوا : إنّما ينتظر أميرالمؤمنين أن يسمن الكراع (٣) وتجنى الأموال ، ثمّ ينهض بنا إلى الشام ، فأتى الأشعث عليّاً عليهالسلام فقال : يا أميرالمؤمنين ، إنّ الناس قد تحدّثوا أنّك رأيت الحكومة ضلالا والاقامة عليها كفراً ، فقام عليّ عليهالسلام يخطب ، فقال : من زعم أنّي رجعت عن الحكومة فقد كذب ، ومن رآها ضلالا فقد ضلّ ، فخرجت حينئذ الخوارج من المسجد فحكَّمت(٤).
قال ابن أبي الحديد : إنّ الخوارج لمّا قالوا لعليّ : تب إلى الله ممّا فعلت كما تبنا ، ننهض معك إلى حرب الشام ، فقال لهم عليّ : كلمة مجملة مرسلة
__________________
١ ـ اليعقوبي : التاريخ ٢ / ١٧٨ طبعة النجف.
٢ ـ فلج فيه ، من الفلج : وهو الظفر.
٣ ـ الكراع : اسم للخيل.
٤ ـ المبرّد : الكامل ٢ / ١٥٥ ، وفي المصدر : فقال الصعصعة والصحيح ما أثبتناه.