فلم يقبله الأشعث ، وقال : والله ما نبالي أكنتَ أنت أو ابن عباس ولانريد إلاّ رجلا هو منك ومن معاوية سواء ليس إلى واحد منكما بأدنى من الآخر ، قال علي : إنّي اجعل الأشتر ، قال الأشعث : وهل سعّر الأرض علينا غير الأشتر (١).
٨ ـ كان الأشعث يتبجّح بكتاب الصلح ولمّا تمّت كتابته وشهد عليه شهود من الطرفين أخذ به ومرّ به على صفوف أهل الشام والعراق يعرضه عليهم ، واستقبله أهل الشام بالرضا ، وأمّا أهل العراق فقد أوجد فيهم فوضى فمنهم من رضى ومنهم من حمل عليه هاتفاً بقوله : لا حكم إلاّ لله (٢).
وممّا ذكرنا يظهر أنّ الرجل وإن لم يكن من الخوارج لكنّه إمّا كان عميلا لمعاوية ، كما هو الظاهر ممّا سردناه عليك ، أوكان في نفسه شيء يجرّه إلى أن يتّخذ موقفاً خاصّاً مناوئاً لعليّ عليهالسلام ولأجل ذلك كان ما ألقاه من كلام حول ايقاف الحرب فرصة لما يرومه معاوية من انهاء الحرب وايجاد الفوضى ، وبذلك تقف على صحّة ماذكره ابن أبي الحديد : من أنّ كل فساد كان في خلافة عليّ فأصله الأشعث.
يقول اليعقوبي : لمّا رفعوا المصاحف وقالوا : ندعوكم إلى كتاب الله ، فقال علي : إنّها مكيدة وليسوا بأصحاب قرآن ، فاعترض الأشعث بن قيس الكندي ، ـ وقد كان معاوية استماله وكتب إليه ودعاه إلى نفسهـ فقال : قد دعوا القوم إلى الحقّ ، فقال علىّ عليهالسلام إنّهم إنّما كادوكم وأرادوا صرفكم عنهم ، فقال الأشعث : والله لئن لم تجبهم انصرفتُ عنك ، ومالت اليمانية مع الأشعث ، فقال الأشعث : والله لتجيبنّهم إلى ما دعوا إليه أو لندفعنِّك إليهم
__________________
١ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٥٧٢.
٢ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٥٨٨.