الله تعالى : ( عن الَيمينِ وعنِ الشّمالِ عِزِين ) (١).
قال : العزون حلق الرقاق ، فقال : هل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول :
فجاءوا يهرعون إليه حتى |
|
يكونوا حول منبره عزينا |
ثم سألاه عن أشياء كثيرة عن لغات القرآن الغريبة ، ففسّرها مستشهداً بالشعر الجاهلي ، وربّما تبلغ الأسئلة والأجوبة إلى مائتين ، ولو صحّت تلك الرواية لدلّت على صلة السائلين بالقرآن صلة وثيقة ، كما تدلّ على نبوغ ابن عباس في الأدب العربي وإلمامه بشعر العرب الجاهلي حيث استشهد على كل لغة فسّرها بشعر عنهم ، فجاءت الأسئلة والأجوبة في غاية الاتقان (٢).
إنّ ابن الأرزق كان يتعلّم من ابن عباس ما يجهله من مفاهيم القرآن ، نقل عكرمة عن ابن عباس انّه بينما كان يحدّث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق ، فقال له : يا ابن عباس تفتي الناس في النملة والقملة؟ صف لي إلهك الذي تعبد ، فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله ، وكان الحسين بن عليّ جالساً ناحية فقال : إليّ يا ابن الأزرق ، قال ابن الأزرق : لست إيّاك أسأل ، قال ابن عباس : يا ابن الأزرق ، إنّه من أهل بيت النبوّة وهم ورثة العلم ، فأقبل نافع نحو الحسين ، فقال له الحسين : يا نافع إنّ من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس ، سائلا ناكباً عن المنهاج ، ظاعناً بالاعوجاج ، ضالاّ عن السبيل ، قائلا غير الجميل.
يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه واعرّفه بما عرّف به نفسه : لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتصق ، وبعيد غير منقص ،
__________________
١ ـ المعارج : ٢٧.
٢ ـ السيوطي الاتقان ١ / ٣٨٢ ـ ٤١٦ ط دار ابن كثير دمشق بيروت ، تحقيق الدكتور مصطفى.