الحرب في تلك السنين بين المهلّب وبين الأزارقة وفرّوافيما بين فارس والأهواز ، إلى أن وقع الخلاف بين الأزارقة ففارق عبد ربّه الكبير قطرياً وصار إلى واد بجيرفت كرمان في سبعة آلاف رجل ، وفارقه عبد ربّه الصغير في اربعة آلاف ، وصار إلى ناحية اُخرى من كرمان ، وبقي قطري في بضعة عشر ألف رجل بأرض فارس ، وقاتله المهلّب بها ، وهزمه إلى أرض كرمان وتبعه وقاتله بأرض كرمان وهزمه منها إلى الري ، ثم قاتل عبد ربّه الكبير فقتله ، وبعث بابنه يزيدبن المهلّب إلى عبد ربّه الصغير فأتى عليه وعلى أصحابه ، وبعث الحجّاج سفيان ابن الأبرد الكلبي في جيش كثيف إلى قطري بعد أن انحاز من الري إلى طبرستان فقتلوه بها ، وأنفذوا برأسه إلى الحجّاج وكان عبيدة بن هلال اليشكري (١) قد فارق قطريّاً وانحاز إلى قومس ، فتبعه سفيان بن الأبرد وحاصره في حصن قومس إلى أن قتله وقتل أتباعه ، وطهّر الله بذلك الأرض من الأزارقة ، والحمدلله على ذلك (٢).
وفي الختام نقول : يظهر من كتبه ورسائله أنّ الرجل كان حافظاً للقرآن ، ومقرئاً له ، ويؤيّد ذلك ما نقله السيوطي أنّ نافع بن الأزرق لمّا رأى عبدالله بن عباس جالساً بفناء الكعبة ، وقد اكتنفه الناس ويسألونه عن تفسير القرآن ، فقال لنجدة بن عويمر الحروري : قم بنا إلى هذا الذي يجتري على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فقاما إليه فقالا : إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله ، فتفسّرها لنا وتأتينا بمصادقه من كلام العرب ، فإنّ الله تعالى أنزل القرآن بكتاب عربي مبين ، فقال ابن عباس : سلاني عمّا بدالكم ، فقال نافع : أخبرني عن قول
__________________
١ ـ عبيدة بن هلال : أحد بني يشكر بن بكر بن وائل.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٤٧٦. والجزري : الكامل ٣ / ٣٤٩. ابن عبد ربه : العقد الفريد ١ / ٩٥ ـ ١٢١.