في ثلاثة آلاف من جند البصرة ، فهزمتهم الأزارقة ، فكتب عبدالله بن الزبير من مكّة إلى المهلّب بن أبي صفرة (١) وهو يومئذ بخراسان يأمره بحرب الأزارقة وولاّه ذلك ، فرجع المهلّب إلى البصرة ، وانتخب من جندها عشرة آلاف ، وانضمّ إليه قومه من الأزد فصار في عشرين ألفاً ، وخرج وقاتل الأزارقة وهزمهم عن دولاب الأهواز إلى الأهواز ، ومات نافع ابن الأزرق في تلك الهزيمة وبايعت الأزارقة بعده عبيدالله بن مأمون التميمي ، وقاتلهم المهلَّب بعد ذلك بالأهواز فقتل عبدالله بن مأمون في تلك الواقعة ، وقتل أيضاً أخوه عثمان بن مأمون مع ثلاثمائة من أشدّ الأزارقة ، وانهزم الباقون منهم إلى أيدج وبايعوا قطريّ بن الفجاءة (٢) وسمّوه أمير المؤمنين ، وقاتلهم المهلّب بعد ذلك حروباً سجالا (٣) ، وانهزمت الأزارقة في آخرها إلى سابور من أرض فارس ، وجعلوها دار هجرتهم ، وثبت المهلَّب وبنوه وأتباعهم على قتالهم تسع عشرة سنة ، بعضها في أيام عبدالله بن الزبير ، وباقيها في زمان خلافة عبدالملك بن مروان وولاية الحجّاج على العراق ، وقرّر الحجّاج المهلَّب على حرب الأزارقة ، فدامت
__________________
١ ـ هو أبوسعيد : المهلب بن أبي صفرة ـ واسم أبي صفرة ظالم بن سراق ، الأزدي ، من أزد العتيك. كان المهلّب من أشجع الناس. وهو الذي حمى البصرة من الخوارج حتى سمّاها الناس بصرة المهلّب. ولاّه عبدالله بن الزبير خراسان في سنة ٦٥ ، فحارب الأزارقة وأفنى منهم عدداً كثيراً ، ثمّ ولّي قتالهم في عهد عبدالملك ابن مروان ، وفي شهر ذي الحجة من سنة ٨٢ مات (المعارف ٣٩٩ ، العبر : ١ / ٧٢ ـ ٧٥ ـ ٧٧ ـ ٨٨ ـ ٩٢ ـ ٩٥).
٢ ـ هو أبو نعامة : قطري بن الفجاءة ، أحد بني حرقوص بن مازن بن مالك ابن عمرو بن تميم ، خرج في أيام عبدالله بن الزبير وبقي عشرين سنة يسلّم عليه بالخلافة ، وفي أيام عبدالملك بن مروان وجّه إليه الحجاج جيشاً بعد جيش ، وكان آخرها بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي ، فقتله ـ ويقال : عثرت به فرسه فمات ـ وأتى الحجاج برأسه ، وذلك في سنة ٧٩ (المعارف ٤١١ ، العبر : ١ / ٩٠).
٣ ـ تقول « كانت الحرب بين الفريقين سجالا » تعني أنّ النصر يكون لهذا الفريق مرّة ولذلك مرّة اُخرى ، وأصل السجال جمع سجل وهو الدلو.