منها : السكر من كل شراب ، حلال موضوع عمّن سكرمنه ، وكل ما كان في السكر من ترك الصلاة أوشتم الله سبحانه موضوع فيه ، لاحدّ فيه ، ولا حكم ، ولا يكفّر أهله بشيء من ذلك ماداموا في سكرهم ، وقالوا : إنّ الشراب حلال الأصل ، ولم يأت فيه شيء من التحريم لا في قليله ولا في اكثار أو سكر (١).
وأمّا تدخّل أبي بيهس في الخلاف الذي حدث بين الإبراهيمية والميمونية فحاصله أنّ رجلا من الاباضية يعرف بإبراهيم ، دعا قوماً من أهل مذهبه إلى داره ، وأمر جارية له كانت على مذهبه بشيء ، فأبطأت عليه فحلف ليبيعنّها في الأعراب ، فقال له رجل منهم اسمه ميمون : كيف تبيع جارية مؤمنة إلى الكفرة؟ فقال له إبراهيم : إنّ الله تعالى قد أحلّ البيع وقد مضى أصحابنا وهم يستحلّون ذلك ، فتبرّأ منه ميمون وتوقّف آخرون منهم في ذلك وكتبوا بذلك إلى علمائهم ، فأجابوهم بأنّ بيعها حلال ، وبأنّه يستتاب ميمون ، ويستتاب من توقّف في إبراهيم ، فصاروا في هذا ثلاث فرق : أبراهيمية ، وميمونية ، وواقفة.
ثمّ إنّ البيهسية قالوا : إنّ ميموناً كفر بأن حرّم الأمة في دار التقية من كفّار قومنا ، وكفرت الواقفة بأن لم يعرفوا كفر ميمون وصواب أبراهيم ، وكفر إبراهيم بأن لم يبرأ من الواقفة (٢).
وأمّا مصير أبي بيهس ، فقد طلبه الحجاج أيّام الوليد فهرب إلى المدينة فطلبه بها عثمان بن حيّان المزني فظفربه وحبسه ، وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله ، ففعل ذلك به (٣).
__________________
١ ـ الأشعري : مقالات الإسلاميين ١ / ١١٣ ـ ١١٨ ، والشهرستاني : الملل والنحل ١ / ١٢٥ ـ ١٢٧.
٢ ـ البغدادي : الفرّق بين الفرِق ١٠٧ ـ ١٠٨.
٣ ـ الشهرستاني : الملل والنحل ١ / ١٢٥.