النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما أنّ عدوّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ هو عدوّ الله وعدوّكم اليوم؟ فقالوا : نعم ، قال : فقد أنزل الله تبارك وتعالى : ( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وِرَسُولِهِ اِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ ) وقال : ( لا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ ) فقد حرّم الله ولايتهم ، والمقام بين أظهرهم ، واجازة شهادتهم ، وأكل ذبائحهم ، وقبول علم الدين عنهم ، ومناكحتهم ومواريثهم. قد احتجّ الله علينا بمعرفة هذا ، وحقّ علينا أن نعلم هذا الدين الذين خرجنا من عندهم ، ولانكتم ما أنزل الله ، والله عزّوجلّ يقول : ( إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيِّنّاهُ لِلنّاسِ فِى الكِتابِ اُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ ويلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ ) (١).
فبعث بالكتاب إلى عبدالله بن صفار وعبدالله بن اباض ، فأتيا به ، فقرأه عبدالله بن صفار ، فأخذه ، فوضعه خلفه فلم يقرأه على الناس خشية أن يتفرّقوا ويختلفوا ، فقال له عبدالله بن اباض : مالك لله أبوك؟ أيّ شي أصبت؟ أن قد اُصيب اخواننا؟ أو اُسر بعضُهم؟ فدفع الكتاب إليه ، فقرأه ، فقال : قاتله الله ، أيّ رأي رأى. صدق نافع بن الأزرق (لكن) لوكان القوم مشركين ، كان أصوب الناس رأياً وحكماً فيما يشير به ، وكانت سيرته كسيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في المشركين.
ولكنّه قد كذب وكذبنا فيما يقول : إنّ القوم كفّار بالنعم والأحكام ، وهم براء من الشرك ، ولايحلّ لنا إلاّ دماؤهم ، وما سوى ذلك من أموالهم فهو علينا حرام (٢).
ثمّ إنّ المبرّد نقل كتاب ابن الأزرق إليهما بغير هذه الصورة ، والنقلان
__________________
١ ـ البقرة : ١٥٩.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٤٣٨ ـ ٤٤٠.