المهاجرون والأنصار وفي مقّدمتهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله ولم يتخلّف من البيعة إلاّ قليل لايتجاوز عدد الأنامل كاُسامة بن زيد ، وعبدالله بن عمر ، وسعد بن أبيوقاص ونظائرهم (١).
وقد عرفه التاريخ بأنّه كان رجلا زاهداً غير راغب في الدنيا ولامقبلا على الرئاسة وانّما قبل البيعة لأنّه تمّت الحجّة عليه وكان المسلمون يومذاك بحاجة الى قيادته وخلافته وهو يصف أمره : « والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ، ولا في الولاية إربة ، ولكنّكم دعوتموني اليها وحملتموني عليها » (٢).
كلّ ذلك صار سبباً لقيام علي بالزعامة والخلافة وتدبير الأمور ، ولم يكن هدف المبايعين إلاّ ارجاع الاُمّة الى عصر الرسول ، ليقضي على الترف والبذخ ، ويرفع راية العدل والقسط ، ويهدم التفاضل المفروض على الاُمّة بالقهر والغلبة ، وينجي المضطهدين والمقهورين من الفقر المدقع ، ولمّا تمّت البيعة خطبهم في اليوم التالي وبين الخطوط العريضة للسياسة التي ينوي الالتزام بها طيلة ممارسته للخلافة فعلى الصعيد المالي قال في قطايع عثمان التي قطعها الخليفة لأقربائه وحاشيته : « والله لو وجدته قد تزّوج به النساء وملك به الاماء لرددته فانّ في العدل سعة ، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق » (٣).
قال الكلبي : ثم أمر علي عليهالسلام بكل سلاح وجد لعثمان في داره ممّا تقّوى به على المسلمين ، فقبض وأمر بقبض نجائب كانت في داره من ابل الصدقة فقبضت ، وأمر بقبض سيفه ودرعه ، وأمر ألاّ يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمين ، وبالكف عن جميع أمواله التي وجدت في داره وفي غير
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ١٥٦.
٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠٥.
٣ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ١٥.