إلى التطرّف والشدّة ، ولكن جمهور الاباضية على الاعتدال. يقول الأشعري :
وجمهور الاباضية يتولّى المحكّمة كلّها إلاّ من خرج ، ويزعمون أنّ مخالفيهم من أهل الصلاة كفّار ، وليسوا بمشركين ، حلال مناكحتم وموارثتهم حلال غنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب ، حرام ماوارء ذلك ، وحرام قتلهم وسبيهم في السر ، إلاّ من دعا إلى الشرك في دار التقيّة ودان به ، وزعموا أنّ الدار ـ يعنون دار مخالفيهم ـ دار توحيد إلاّ عسكر السلطان ، فإنّه دار كفر ـ يعني عندهم ـ.
وحكي عنهم أنّهم أجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم ، وحرّموا الاستعراض إذا خرجوا ، وحرّموا دماء مخالفيهم حتّى يدعوهم إلى دينهم ، فبرأت الخوارج منهم على ذلك ، وقالوا : إنّ كل طاعة إيمان ودين ، وإنّ مرتكبي الكبائر موحّدون وليسوا بمؤمنين (١).
وقريب من ذلك ما ذكره البغدادي في كتابه ، يقول : افترقت الاباضية فيما بينها فرقاً يجمعها القول بأنّ كفّار هذه الاُمّة ـ يعنون بذلك مخالفيهم من هذه الاُمّة ـ براء من الشرك والإيمان ، وانّهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين ولكنّهم كفّار ، وأجازوا شهادتهم وحرّموا دماءهم في السرّ واستحلّوها في العلانية ، وصحّحوا مناكحتهم ، والتوارث منهم ، وزعموا أنّهم في ذلك محاربون لله ولرسوله ، لايدينون دين الحق ، وقالوا باستحلال بعض أموالهم دون بعض ، والذي استحلّوه الخيل والسلاح ، فأمّا الذهب والفضة فإنّهم يردّونهما إلى أصحابهما عند الغنيمة.
ثمّ افترقت الاباضية فيما بينهم أربع فرق : الحفصية ، والحارثية ، واليزيدية ، وأصحاب طاعة لايراد الله بها.
__________________
١ ـ الأشعري : مقالات الإسلاميين ١٠٤ ـ ١٠٥.