في الدنيا والآخرة
حتى اشتهروا بهذا الاسم وعرفوا به ، قال الله تعالى :
( المُنافِقُونَ والمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ
بَعْض يَأْمُرُونَ بالمُنْكَرِ وينْهَوْنْ عَنِ المَعْرُوفِ ويقْبِضُونَ
أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المُنافِقِينَ هُمُ الفاسِقُونَ ) (١)
حتى صارت هذه الكلمة تشبه أن تكون علماً لهم فإذا اطلقت انصرفت إليهم.
والنقاش في هذا الموضوع نقاش لغويّ والاختلافات لفظي ، والنتيجة انّ من يصرّ على معصية الله يلاقي نفس الجزاء الذي يلاقيه من يكفر بالله ، أمّا معاملة المسلمين لمن يفسق عن أمر الله ، أو ينافق في دين الله ، أو يكفر بنعمة الله ، فإنّها معاملة للعاصي المنتهك الذي تجب محاولة ارشاده إلى وجوب الاستمساك بدينه ورجوعه إلى أوامر ربّه ، واقلاعه عن محادة الله ورسوله ، فإن أصرّ واستكبر وتغلّب عليه الشيطان ، بُرِئ منه (٢).
يلاحظ عليه : أوّلا : انّ المحكّمة الاُولى كانوا لايريدون من الكفر إلاّ الخروج عن الدين ، وكانوا يقولون للإمام أميرالمؤمنين : تب من كفرك ، وكان يجيبهم : أبعد ايماني بالله ، وجهادي مع رسول الله أشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين (٣).
فلمّا أحسّ عبدالله بن اباض أو من قبله بتطرّف هذه الفكرة عاد بتأويله إلى كفر النعمة تحرّزاً عن ردّ فعل للنظرية الاُولى.
ثانياً : لو فرضنا إنّ القرآن الكريم استعمل الكفر في كفر النعمة أو استعمله الحديث في حق تارك الصلاة ، ولكن هذا الاستعمال طفيف جدّاً ، فقد ورد لفظ الكفر ومشتقّاته في القرآن قريباً من ٤٥٠ مرّة واُريد في أغلبها كفر الملّة
__________________
١ ـ التوبة : ٦٧.
٢ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحقلة الاُولى ٨٩ ـ ٩٢.
٣ ـ الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ٥٨.