الرجل أميراً للجهاد وقائداً عسكرياً في القتال لاخليفة شرعية يملأ الفراغ الحاصل من العزل المزعوم ، والشاهد على ذلك انّ حمزة بن سنان الأسدي أوّل من اقترح هذه الفكرة وقال : « فولّوا أمركم رجلاً منكم فإنّه لابدّ لكم من عماد وسناد وراية تحفّون بها وترجعون إليها ... ».
ولمّا قبلها عبد الله بن وهب ، قال : أما والله لا آخذها رغبة في الدنيا ولا أدعها فرقاً من الموت (١).
٨ ـ لم يكن محاربة الإمام للخوارج وعلى رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي إلاّ لأجل أعمالهم إلارهابيّة الّتي بلغت الإمام ، فقال بعض المخلصين له : على ما ندع هؤلاء يخلّفوننا في أموالنا وعيالنا؟ سر بنا إلى القوم ، فإذا فرغنا ممّا بيننا وبينهم صرنا إلى عدوّنا من أهل الشام ، فقبل علي ، فنادى بالرحيل.
كان من المظنون جداً أن يقوم عبد الله بن وهب الراسبي بسبي النساء وقتل الذراري ، إذا رأوا أنّ العاصمة الإسلامية (الكوفة) خالية من زعيمها وجيشها خصوصاً انّ علياً ومواليه كانوا عندهم مشركين كافرين تحلّ أموالهم وتجوز إراقة دمائهم وسبي نسائهم ، فلأجل ذلك قلع الإمام عين الفتنة قبل أن يبادر بمحاربة عدوّ الله في الشام.
كلّ ذلك يدلّ على بطلان قول الكاتب « بعد أن جمع الإمام علي جيشه ومن بقي تحت طاعته من الجند ، فكّر في اعادة الكّرة على معاوية واخماد ثورته ومحاولة اخضاعه من جديد ، ولكن بعض أصحابه أشاروا عليه بمحاربة عبدالله ابن وهب الراسبي هذا الخليفة الجديد الّذي وصل إلى منصب الخلافة عن طريق البيعة ، وهو الطريق الشرعي للخلافة. واقتنع علي بصواب هذا الرأي وعدل عن محاربة معاوية إلى محاربة عبد الله بن وهب ، وكان أتباع عبدالله
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٥٥.